الأهرام
عبد الغفار شكر
اقتراحات للأكاديمية الوطنية للشباب
عندما قارنت بين الأكاديمية الوطنية للشباب التى أصدر الرئيس السيسى قرارا بإنشائها لتأهيل الشباب للقيادة وبين منظمة الشباب الاشتراكى التى تأسست فى الستينيات من القرن الماضى لم أكن أقصد ان المنظمة تصلح لأن تكون هى الاطار المنظم سياسيا للشباب هذه الايام فقد كانت المنظمة وليدة الظروف السياسية للستينيات وأهمها أنه لم تكن هناك تعددية حزبية فى ذلك الوقت وبالتالى كان منطقيا ان يقوم التنظيم السياسى فى هذا الوقت بإنشاء تنظيم مساعد للشباب تكون ذراعه السياسية فى مجال العمل الشبابي.

أما فى ظل التعددية الحزبية القائمة اليوم فى مصر فإن كل حزب سياسى من واجبه أن ينشئ التنظيم الشبابى الذى يعد الصف الثانى من القيادات المنتمية فكريا وسياسيا للتوجه العام لهذا الحزب وبذلك فإن الأكاديمية لها مجالها الخاص وهو إعداد الصف الثانى من القيادات المؤهلة لتولى مناصب قيادية فى الدولة وبحيث لا تتضمن برامجها توجها سياسيا وفكريا معينا وهو التوجه الخاص بالحزب الحاكم بل تقتصر مهمتها على التأهيل المهنى لهذه القيادات أما إعداد الشباب سياسيا وفكريا فإنه سيكون من وظيفة الأحزاب السياسية القائمة.

وفى إطار هذا التصور العام لمهمة الأكاديمية فانه من المهم أن ينظر القائمون عليها فى الاقتراحات التالية لكى تتعاظم الفائدة من وجودها وأول هذه الاقتراحات ألا يختار الدارسون بها من أعضاء الأحزاب المؤيدة للحكم فقط بل من الوزارات والهيئات الحكومية التى تعانى نقصا فى قيادات الصف الأول والثانى ولا يستبعد من المرشحين من ينتمى لأحزاب المعارضة مادام ان الشروط الوظيفية للالتحاق بالاكاديمية تنطبق عليه وتأتى اهمية هذا الاقتراح من انه سيحقق العدالة بين القيادات الشبابية بصرف النظر عن انتماءاتها الفكرية والسياسية كما أنه سيمكن الدولة من سد النقص فى القيادات حسب احتياجات الوزارات والهيئات المختلفة وستكون أولويات الالتحاق بالأكاديمية مرتبطة بحاجة هذه الوزارات والهيئات الى سد احتياجاتها من القيادات المؤهلة.

ومن الاقتراحات التى يتعين الأخذ بها فى إعداد هذه القيادات ان يكون أسلوب التدريس بها قائما على الحوار وعلى تكليف الدارسين بإعداد المادة الدراسية من مراجع علمية متعددة بحيث تتم تنمية قدرتهم الإبداعية من خلال ذلك ومساعدتهم على استنباط الحلول المناسبة للمشكلات المطروحة فى أجهزة الدولة، ومن خلال الحوار واستنباط الدارسين لمضمون الدراسة فإن الأكاديمية ستكون قادرة على تخريج قيادات قادرة على توجيه العاملين تحت رئاستها توجيها سليما ومناقشتهم فى المشاكل القائمة بما يمكنهم من اكتشاف الحلول المناسبة لهذه المشاكل. ومن المقترحات الجديرة بالنظر، أن يخصص جانب من الدراسة لعمل ميدانى يكلف الدارسون من خلاله بالعمل لفترة محددة فى قطاع معين، وتولى موقع قيادى به طوال هذه الفترة لاكتشاف اوجه النقص فى هذا القطاع واقتراح الحلول المناسبة له، وذلك تحت إشراف هيئة التدريس التى تتابع قدرة الدارسين على توجيه العاملين بشكل سليم وعلى الوصول بأسرع ما يمكن الى معرفة المشكلات القائمة وابتكار الحلول المناسبة لها. ووضعها موضع التطبيق لاكتشاف مدى قابليتها لحل هذه المشكلات بالفعل، ويكون من اهداف هذا العمل الميدانى قياس قدرة الدارسين بالاكاديمية على نقل خبراتهم الى العاملين بالموقع الذى التحقوا به, وبالتالى فإن تقييمهم لمدى صلاحيتهم للقيادة يكون من بين عناصره القدرة على نقل خبرات إلى المرءوسين وصلاحيته للقيادة ترتبط بمدى قدرته على قيادة المرءوسين له فى الاتجاه الصحيح وقدرته على تحديد الأولويات التى يعملون فى اطارها بما يتطلبه الموقع الذى يعملون به. وهناك مجال آخر من المهم أن يتضمنه البرنامج الدراسى للأكاديمية وهو قدرة الدارسين على التفاعل مع القطاعات الشعبية بحيث بخصص وقت من الدراسة للتفاعل مع المواطنين فى بيئات مختلفة فيكلف الدارسون بالعمل فى قرية او فى حى شعبى أو فى مدينة صغرى وفق برنامج عمل محدد يتضمن العمل الميدانى المباشر مع المواطنين فى هذه البيئات المختلفة فى إطار بعثات تقصى حقائق تضم عددا من الدارسين يعملون معا مع هذا القطاع الشعبى وفق برنامج محدد يتضمن التعرف على ملامح البيئة التى يعملون بها (قرية، حى شعبي، مدينة صغير... الخ) وأن يكون الهدف من التعرف على الملامح العامة لكل بيئة هو اكتشاف المشكلات الاساسية للسكان بها والأسباب التى أدت إليها والنتائج المترتبة عليها بالنسبة لحياة المواطنين والحلول المقترحة لها وأن يتم ذلك كله من خلال عمل مشترك بين المجموعة المكلفة من الدارسين (بعثة تقصى الحقائق) وبين المواطنين بالمنطقة. ومن المهم أن ينتهى ذلك كله باقتراح برنامج عمل لحل اهم مشكلة او مشكلتين من خلال تحرك شعبى يشارك فيه مجموعة الدارسين سواء بالاتصال بالجهات الحكومية المسئولة عن الموقع أو الهيئات الشعبية المنتخبة والتى تتحمل المسئولية عن إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات الموقع ومن بين هذه الهيئات الشعبية المنتخبة التى يسعى التحرك الشعبى لمشاركتها فيه المجالس الشعبية المحلية والنقابات المهنية والنقابات العمالية والجمعيات التعاونية الزراعية ومراكز الشباب واتحادات الحرفيين... إلخ. ويكلف الدارسون بإعداد تقرير شامل عن نشاط بعثة تقصى الحقائق ابتداء من دراسة الملامح العامة لبيئة الموقع الى نتائج التحرك الشعبى لحل مشكلاته وتناقش هذه التقارير بالأكاديمية بعد انتهاء عمل بعثات تقصى الحقائق ويتم استخلاص الدروس المناسبة منها. هذه بعض الاقتراحات حول أسلوب عمل الاكاديمية بما يساعد على تحقيق الهدف من إنشائها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف