صلاح الحفناوى
رجع الصدي - تساؤلات منطقية حول إلغاء "الابتدائية" !
من حق وزير التربية والتعليم أن يحلم ويفكر ويخطط ويقترح سياسات.. ولكن ليس من حقه اتخاذ قرارات مصيرية دون حوار مجتمعي أو مناقشات مستفيضة تحت قبة البرلمان.. من حقه أن يحلم بنظام تعليمي عصري يواجه القصور وينطلق بالمنظومة التعليمية إلي آفاق المستقبل.. ولكن ما ليس من حقه هو أن يخرج علينا بقرارات أو فرمانات غير قابلة للنقض أو الإبرام.. من نوع الغاء الشهادة الابتدائية والغاء الكتاب المدرسي الورقي وتحويل الثانوية العامة من عذاب سنة واحدة إلي عذاب 3 سنوات من خلال ما أسماه بالمجموع التراكمي.
نحن نتفق مع وزير التربية والتعليم في أنه خبير تعليمي تربوي عالمي.. وانه زار واطلع علي تجارب دول متقدمة عديدة.. ولكننا لا نتفق معه في أن بعض التجارب التي شاهدها في الخارج صالحة للتطبيق في مصر لأسباب ربما كان يمكنه ان يدركها لو انه قام بزيارات ميدانية لمدارس الكفور والنجوع والمناطق النائية.. حيث كثافة الفصول تتجاوز 120 تلميذا وحيث التلاميذ يجلسون علي الأرض وحيث لا امكانيات من أي نوع.. لا ملاعب ولا معامل ولا أنشطة.. وحيث تدريس علوم الكمبيوتر علي سبيل المثال مجرد حبر علي ورق وامتحانات المادة هزلية عبثية ونتائجها مضمونة دون أن يعرف التلميذ او الطالب في بعض المدارس الفرق بين "الكي بورد" و"الماوس".
قرارت وزير التربية والتعليم يجب أن تتحول إلي اقتراحات مطروحة للنقاش المجتمعي الموسع.. لأن بعضها كما اشرنا من قبل ستكون له نتائج كارثية إذا لم يسبقها تغيير شامل وكامل في المنظومة التعليمية بتمامها.. وتوفير الاعتمادات اللازمة لذلك.
ولنبدأ بقرار إلغاء الشهادة الابتدائية.. وليسمح لنا معالي وزير التربية والتعليم أن نطرح عليه سؤالا قبل أن نناقش القرار: هل سمع معاليه عن الدراسات العديدة التي اجريت علي مهارات القراءة والكتابة عند طلاب المرحلة الابتدائية والتي انتهت إلي ضعف شديد فيها عند قطاع كبير من التلاميذ.. هل تابع معاليه نتائج الشهادة الابتدائية والتي تتراوح بين 65 و75 بالمئة في بعض المحافظات.. وهذا يعني أن ثلاثين بالمائة من اجمالي التلاميذ مستواهم لا يؤهلهم للانتقال إلي المرحلة الأعلي قبل أن يتم تأهيلهم لذلك.. وهو ما يؤكد أهمية وجود تقويم حقيقي للتلاميذ بعد 8 سنوات دراسية.
الغاء الشهادة الابتدائية يعني باختصار ترحيل تلاميذ غير مؤهلين إلي المرحلة الأعلي والابقاء علي تدني مستواهم حتي نهايتها.. فهل هذا هو الهدف من الغاء الشهادة الابتدائية؟.. أفهم أن يتم ذلك بعد تطوير حقيقي لمنظومة التعليم الابتدائي يصل إلي مدارس النجوع والكفور والمناطق النائية.. تطوير في الإمكانات والمناهج.. تطوير في مستوي معلمي هذه المرحلة.. ثم دراسة مستويات التلاميذ في نهايتها.. وعندما نصل إلي المستوي المطلوب يمكن بعدها التفكير في الغاء الشهادة الابتدائية أو الابقاء عليها.. ولكن أن يصدر الوزير قرارا منفردا بالإلغاء دون مراعاة لكل الاعتبارات السابقة.. فهو امر يستحق المناقشة ويستحق وقفة مساءلة مع معاليه حتي لا نضطر الي اعادتها بعد سنوات من التجربة التي تحمل بذور فشلها قبل ان تبدأ.. كما فعلنا من قبل.
وللحديث عن قرارات وزير التربية والتعليم بقية إن كان في العمر بقية