المساء
أحمد سليمان
في حب مصر - سقطة "المصري اليوم" ضد فضيلة شيخ الأزهر
فوجئت الليلة الماضية بخبر منشور علي الموقع الاليكتروني لصحيفة "المصري اليوم" بعنوان: "باحث تونسي يردّ علي شيخ الأزهر: لا دخل لأي مؤسسة في اختيار المرأة زوجها". ولم تكن مفاجأتي في اعتراض باحث وناشط تونسي ـ كما جاء في الخبر ـ علي حكم شرعي أعلنه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بشأن القضية التي أثيرت وشغلت الرأي العام العربي والمسلم خلال الأيام الماضية ولا تزال. والخاصة بإلغاء الرئيس التونسي لمرسوم يرفض زواج المسلمة بغير المسلم ويرفض المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث. فكم من باحثين ونشطاء وإعلاميين تطاولوا علي مقام فضيلة الإمام فما نقصوا من قدره ولا ازدادوا هم قدراً. ولكن مفاجأتي كانت في نشر الخبر من الأساس. بل وصيغة النشر أيضاً.
الخبر في حد ذاته لا يخلو من رسالة سواء مباشرة أو غير مباشرة هدفها النيل من مقام فضيلة شيخ الأزهر بعد إعلان حكم الإسلام ورأي مؤسسة الأزهر الشريف في قضية السماح للتونسية المسلمة بالزواج من غير المسلم ومساواة المرأة التونسية بالرجل التونسي في الميراث.
الرسالة واضحة بداية من عنوان الخبر الذي يقول "باحث تونسي يرد علي شيخ الأزهر". ثم بداية الخبر التي تقول "انتقد الباحث والناشط التونسي فلان الفلاني شيخ الأزهر". ثم تتوالي السقطات عندما تكتشف أن هذا الناشط قد جري اتصال بين "المصري اليوم" وبينه وأنه لم يعلن هذا في تونس ونقله عنه موقع "المصري اليوم". وتجد أن كل إمكانيات هذا الناشط أنه ألف كتاب "كنت في الرقة".. فمن هذا الناشط حتي ينشر له هذا الموقع رداً أو انتقاداً لحكم شرعي أعلنه فضيلة شيخ الأزهر؟ وما هي مؤهلاته العلمية ليرد علي عالم بقدر وقيمة فضيلة شيخ الأزهر؟ . ثم ألم يكن في هذا الموقع الإليكتروني ما يسمي "ديسك مركزي" يعيد صياغة عبارات الخبر إذا كان لابد من نشره لمجرد جلب قراء ومتصفحين حتي لا يخرج الخبر بهذه الصيغة التي تحمل إساءة لمقام فضيلة الإمام؟ هذا إذا كان هناك حسن نية من وراء نشر خبر كهذا.
ثم يقول الخبر علي لسان هذا الناشط : "من المهم أن يجدد الأزهر خطابه بالشكل الذي يعتبر فيه المرأة مواطنة كاملة بعيدا عن النظرة التقليدية التي تنظر إليها باعتبارها تابعا للرجل ـ لاحظ توجيهاته لمؤسسة الأزهر ـ ومن المهم طرح سؤال علي الأزهر: لماذا يتحمس هؤلاء ـ لاحظ التطاول في كلمة هؤلاء المقصود بها فضيلة شيخ الأزهر ـ لرفض زواج المسلمة من غير المسلم. ولا يتحمسون لتطبيق أحكام أخري قطعية النص والدلالة من قبيل حكم قطع يد السارق مثلاً أو حكم جلد الزاني والزانية وغيرهما من الأحكام؟ هل الحماسة والغيرة علي تطبيق الحدود والأحكام عند الأزهر لا تظهر إلا عندما يتعلق بالمرأة وإبقائها في حالة دونية؟ هذا يثبت تناقض هذه المؤسسات" ـ يقصد طبعاً مؤسسة الأزهر الشريف. ثم تقول جزئية أخري من الخبر: ورداً علي "الطيب" ـ بدون ألقاب ولا حتي مسبوقاً بـ "د." قال الباحث التونسي. لـ"المصري اليوم". إن زواج المسلمة بغير المسلم ينتمي إلي الحرية الشخصية التي ضمنها الدستور التونسي. ولا دخل لأي مؤسسة في اختيار المرأة لزوجها بصرف النظر عن جنسه أو دينه. وبغض النظر عن جهل هذا الباحث والناشط بأحكام الدين التي تصف عقد الزواج بأنه ميثاق غليظ. وأن الزواج لا يخضع للحرية الشخصية وإلا لباركنا زواج رئيس وزراء النمسا الأسبق من صديقه الرجل. فإن طريقة رده مرفوضة. بخلاف جهله المطبق بالأحكام الشرعية فيما أثاره من قضايا قتلها الأزهريون بحثاً وأصبحت من المحفوظات لدي تلاميذ المرحلة الابتدائية. وليس هنا مجال بحثها والرد عليه فيها.
وفي النهاية فإن اللائمة لا تقع علي هذا الناشط والباحث النكرة الذي تطاول علي مقام عالم العلماء. وإمام المسلمين فضيلة شيخ الأزهر. ولكن علي موقع "المصري اليوم" الذي نشر خبراً كهذا لناشط كهذا وبصياغة كهذه لمجرد لفت الانتباه وبهدف الضرب في مقام شيخ الأزهر. وإلا لوضع صورة ذلك الباحث في صدر الخبر ولكن الموقع الإليكتروني وضع صورة الإمام الأكبر فضيلة شيخ الأزهر. وهذا في حد ذاته يكشف الهدف الحقيقي من وراء خبر تافه كهذا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف