الأخبار
نبيل زكى
كلمة السر - اللعب بالنار في العراق
التقيت مع الزعيم الكردي مسعود البارزاني - رئيس اقليم كردستان العراق الآن - عدة مرات خلال التسعينيات من القرن الماضي.. وكان يؤكد لي دوماً أنه مع وحدة العراق علي أساس ديمقراطي، وأنه يراعي ان يتطابق نضال الشعب الكردي مع طموحات الأمة العربية. كذلك التقيت، أكثر من مرة، مع جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني والذي شغل منصب رئيس الجمهورية العراقية حتي وقت قريب، وكان يقول: »الحلم يظل ويبقي حلماً. يجب ان نكون واقعيين.. الآن، ونحن في الظروف الدولية الراهنة لن يمكننا تغيير خريطة الشرق الأوسط، ولا يمكننا تغيير خريطة خمس دول. لذلك، فإن هدف توحيد كردستان - رغم مشروعيته - ليس هدفاً واقعياً. وإذا اتجه النضال الكردي إلي أهداف مستحيلة، فإن الناتج سيكون صفراً»‬.
وخلال لقاء في اربيل وعدة لقاءات في القاهرة حتي عهد قريب، كان »‬عدنان المفتي» - ، من مؤسسي الحزب الاشتراكي الكردستاني وعضو قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني ومسئول العلاقات العربية، يكرر القول بأن للأكراد الحق في تقرير المصير، بما في ذلك حقهم في إقامة دولة كردية مستقلة.. ذلك ان الاكراد ينتمون الي أمة يبلغ تعدادها اكثر من 40 مليونا، منهم 20 مليوناً في تركيا و10 ملايين في ايران، كما يشكل أكراد العراق نسبة 15٪ من مجموع الأكراد في العالم. ويستطرد عدنان المفتي قائلاً: »‬لكن، في الواقع، فإن اقامة الدولة الكردية تعني تغيير خريطة المنطقة. وهذا أمر صعب. لذلك فإن قيادات الحركة الكردية - ومنذ تأسيسها - تطرح حق تقرير المصير في إطار العراق الموحد». ما الذي تغير.. إذن؟
لا خلاف علي ضرورة الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي، والتي توالي من ينكرونها عبر قرن كامل، كما تعرض الأكراد لمجازر وهندسة ديموجرافية تستهدف تشتيت أماكن تواجدهم وسط عمليات تلاعب بالجغرافيا وعمليات صهر قسري تراوح بين التعريب والتتريك بهدف طمس هويتهم. غير ان الاستفتاء علي انفصال كردستان عن العراق يوم 25 سبتمبر الحالي لا يصب في مصلحة الأكراد سياسياً أو اقتصادياً أو قومياً.
وهناك انقسام في الصف الكردي ذاته بين مؤيدي إجراء الاستفتاء في موعده وبين المطالبين بتأجيله. كذلك يرفض التركمان والعرب ان يشمل الاستفتاء محافظة كركوك ومناطق أخري، إلي جانب مشكلات تتعلق بالحقوق الدستورية للجماعات غير الكردية في الاقليم.
والصراع حول احقية كل طرف في استغلال حقول البترول في المنطقة.
والمعروف ان الاستفتاء يشمل المحافظات الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك ومناطق أخري متنازع عليها.
والمؤكد ان الاستفتاء يصرف الانظار عن المعركة الكبري الرئيسية ضد الارهاب في أرض العراق، وأنه يلقي معارضة شديدة من جانب دول مجاورة، مثل تركيا وإيران وسوريا، لان هذا الاستفتاء يستقطب مناطق كردية في جنوب شرقي تركية وشمال غرب ايران، علماً بأن الأكراد في إيران وتركيا ليسوا الاقلية الوحيدة فيهما، الأمر الذي يمكن ان يشجع اقليات اخري علي محاولة الانسلاخ عن اوطانها. وإذا قامت »‬دولة كردستان» فأنه يصعب عليها ان تعيش وتستمر في حالة عداء مع الجوار. ولا يستطيع الأكراد ان يفاخروا بالبيان الصادر عن ديوان رئاسة الحكومة الاسرائيلية الذي »‬يدعم الجهود المشروعة التي يبذلها الشعب الكردي من أجل الحصول علي دولة خاصة به».
ولعلهم يتساءلون عن الأغراض الخفية وراء هذا التأييد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف