محمد العزاوى
التجربة الصينية.. وأسباب النجاح
عدت منذ بضعة أيام مع الأوائل من الصين في رحلة "الجمهورية" شاهدنا خلالها عن كثب سر نجاح التجربة الصينية وكيف استطاعت الصين فرض نفسها علي قائمة الدول الأقوي اقتصادياً في العالم!.. بنية تحتية حديثة وتكنولوجيا متطورة تستخدم في كافة المجالات وسلوك حضاري لشعب يعشق بلاده ولا يعرف معظمه لغة أخري غير اللغة الصينية التي فرضت نفسها عالمياً.
الشعب الصيني أبرز ما يميزه حبه للعمل وانتماؤه القوي لوطنه فهو لا يعرف للكسل معني بل يعمل في صمت ويتطور بشكل سريع مستغلاً كافة الإمكانيات المتاحة فعندما تطأ قدماك بكين تشاهد آلاف الدراجات الهوائية والكهربائية تسير في نظام وتتوقف في الإشارات داخل الحارات المخصصة لها بجوار السيارات.. شوارع نظيفة تملؤها الكاميرات لضبط الحالة الأمنية والمرورية والتأكد من احترام القانون.. اللون الأخضر تراه في كل مكان علي جنبات الطرقات وأمام المنازل حتي الجبال تكسوها الأشجار من كل الأنواع.
خلال هذه الرحلة قمت مع بعض الزملاء بزيارة لعدد من محطات إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة التي تعتمد علي الشمس والرياح وفي إحدي المحطات اكتشفنا وجود إنسان آلي يتم التحكم فيه عن بعد ومرتبط بشاشة إلكترونية.. هذا الإنسان الآلي يعمل في كل الظروف المناخية ومهمته قراءة البيانات والوصول لكل الأماكن داخل المحطة التي زودت أيضاً بطائرة صغيرة بدون طيار بها كاميرات متصلة لاسلكياً بشاشة تظهر كل تفاصيل الموقع كما شاهدنا تقنيات حديثة لتحويل الطاقة للمنازل ونقلها لمسافات طويلة دون أن يفقد التيار الكهربائي أي جزء من قدرته.
كما لاحظنا خلال تجولنا في بعض الشوارع الاعتماد بشكل كبير علي الطاقة الشمسية في الإضاءة كما غطت أسطح المنازل سخانات للمياه تعمل بالطاقة الشمسية مما يكشف مدي وعي المواطن والحكومة علي أهمية الاعتماد علي وسائل بديلة للمواد البترولية لإنتاج الطاقة وتقليل التلوث الذي يتسبب في الكثير من المشاكل البيئية والصحية كما أن هناك شبكة من وسائل المواصلات التي تغطي كافة الأنحاء في العاصمة بالإضافة إلي القطار فائق السرعة والذي يسير علي سرعة 300كم/ ساعة ورغم أن تعداد الشعب الصيني أكثر من مليار ونصف مليار مواطن فإنك لا تلاحظ أي زحام بشري أو تكدس أو أزمات مرورية في الشوارع التي تم تخطيطها بطريقة علمية لا تتجاهل أي تفاصيل هامة.
وخلال لقاء مع سفير مصر في بكين أسامة المجدوب كشف أسرار نجاح الصين في القضاء علي العشوائيات حيث أكد أن الحكومة قامت بعمل تخطيط واضح لكل المناطق وقامت بتنفيذ الإزالة للمنازل التي تقع في التخطيط الجديد ولكن بعد تعويض المواطنين بشكل مجزي للغاية وبعد ذلك تبدأ مرحلة التنفيذ بشكل علمي سريع.. التجربة الصينية اعتمدت في المقام الأول علي تخطيط علمي لكل شيء ثم العدل والمساواة بين الجميع بتطبيق القانون وبعد ذلك الانتماء الذي يملأ قلوب الصينيين لبلادهم وهو ما يجعلهم في سباق مستمر مع الزمن من أجل أن تصبح الصين رمزاً للتقدم والحضارة والنمو الاقتصادي.. فهل نستفيد من هذه التجربة ونحقق ما نحلم به في مصر ونمتلك هذه المقومات كما امتلكت الصين أسباب النجاح والتفوق في كل المجالات؟