الأخبار
اسامة السعيد
خارج النص - من كان منكم بلا خطيئة ..
ما نشرته صحيفة »نيويورك تايمز»‬ مؤخرا عن أن أحد أبرز المحللين السياسيين الذين تستضيفهم الفضائيات المصرية من أمريكا ليس سوي بائع ساندوتشات بولاية كاليفورنيا، وأيا كانت الحقيقة وراء ذلك فإننا أمام مشكلة مهنية حقيقية.. والسؤال الذي يفرض نفسه هل يعاني الإعلام وحده من مأزق المهنية؟ الإجابة بكل تأكيد.. لا.
الحقيقة أن الإعلام المصري شأنه شأن الكثير من مؤسسات المجتمع التي تعاني أزمة مهنية، فقد تحول الإعلام في السنوات الماضية، وبخاصة في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، وتحت ضغط الأحداث السياسية والمجتمعية إلي عنصر جذب للكثير من العناصر، التي ربما لم يتح لها الوقت ولا الخبرة الكافية للتحلي بالمعايير المهنية المطلوبة، فتحولت مهنة الإعداد بالكثير من القنوات إلي مجرد »‬توريد ضيوف» بغض النظر عن طبيعة هؤلاء الضيوف وتخصصاتهم وملائمتهم للقضايا التي يناقشونها!
وكما بدأت ظاهرة »‬صحفي الشنطة» منذ عقود، وهي -لمن لا يعرف- أن يقوم الصحفي بالعمل في العديد من الصحف والمكاتب في مجالات متخصصة، يعرض خدماته علي كل منها، ويقوم بإعادة تدوير الموضوعات لتلائم طبيعة كل مكان من تلك الأماكن التي يتعامل معها، وتطور الأمر أيضا مع انتشار الفضائيات الخاصة والمواقع الإلكترونية، ظهر أيضا ما يمكن أن نطلق عليهم »‬ضيوف الشنطة»، وهي ظاهرة يعرفها العاملون في الحقل الإعلامي جيدا، فتجد ضيوفا يغيرون تخصصاتهم بحسب طبيعة البرنامج أو الموضوع، فتارة تجده محللا سياسيا، وثانية خبيرا اقتصاديا، وأخري باحثا اجتماعيا، وهكذا تتبدل التخصصات بتغير الموضوعات، ولا يهم في عمق التناول، أو ما يضيفه من معرفة، إذا ما كان قادرا علي »‬تعبئة الهواء».
وإذا كان كل ذلك نوعا من »‬جلد الذات» لحال الإعلام المصري بشكل عام، لكن الحقيقة التي يجب أن نعترف بها أيضا، ونواجهها هي أن المجتمع المصري كله وعلي مدي عقود بات يعاني أزمة مهنية حقيقية، فبات من النادر أن تجد خبيرا متخصصا في مجال يحترم تخصصه، أو تطمئن إلي أنك تتعامل مع شخص موثوق به لن يستغلك أو يتاجر بك، فكم من الكوارث والمآسي تتسبب فيها مثلا أخطاء أطباء، بعضهم يدفع لهم بآلاف الجنيهات، ويعاني المريض بالشهور كي يجد فرصة للكشف لديهم، فضلا عن »‬خطايا» المستشفيات ومعامل التحاليل ومراكز الأشعة.. وكم من الانحرافات باتت منتشرة في أوساط فئات كانت بعيدة عن تلك الجرائم المشبوهة، كالقضاة ورجال الشرطة والمحامين والمحاسبين، وقيادات الجهازالإداري للدولة، بل حتي في الشركات الخاصة، وصولا إلي الحرفيين الذين لم تعد تأمن دخولهم إلي بيتك أو خروجهم منه.
الحقيقة التي يجب أن نواجهها أن المجتمع يواجه أزمة مهنية بجوانبها الحرفية والأخلاقية، نتيجة أسباب متداخلة، منها سنوات طويلة من تجريف النخبة المصرية، وتغيرات اجتماعية متقلبة منذ سنوات الانفتاح، وتغير الكثير من معايير الارتقاء في المجتمع، فكل قطاعات المجتمع في أزمة المهنية سواء.. ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمِ الإعلام بحجر!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف