الأخبار
رضوى عبد اللطيف
صح صح - أحفاد التتار
بعد أيام من الإعلان عن اكتشاف مقبرة أثرية جديدة في منطقة دراع أبو النجا بالأقصر، نشرت مجلة ناشيونال جيوغرافيك تقريرا مصورا بعنوان » ألقي نظرة أولي داخل أحدث مقبرة أثرية مصرية مكتشفة»‬ وعرض التقرير عددا من الصور الحصرية من داخل المقبرة. وقد وجدت احتفاء عالميا واهتماما كبيرا بالاكتشاف المصري وهو أمر عادي أتابعه منذ سنوات سواء في الإعلام الغربي أو من خلال لقائي بكثير من الأجانب. ولكن رغم سعادتي بمثل هذه التقارير تظل الحسرة تطاردني من واقع كوننا الدولة الوحيدة التي تمتلك ثلث آثار العالم ومع ذلك نعاني من تردٍ في عائدات السياحة لعدم قدرتنا علي استثمار كنوزنا الأثرية والتاريخية كما يجب. فكم من دولة في العالم بلا تاريخ وأقدم مبني فيها لم يكمل عمره قرن من الزمان ورغم ذلك استطاعت عبر برامج الجذب والاستثمار السياحي أن تروج لزيارته بعد أن أحاطته بخدمات عالية الجودة ليستمتع بها السياح من كل أنحاء العالم وتحقق لخزانتها مكاسب تقدر بمليارات الدولارات سنويا. ليس هذا فقط فبجانب وجود إدارة تخطط هناك وعي شعبي نفتقده عن أهمية الآثار. وأكاد أجزم أننا الشعب الوحيد الذي يتعامل مع آثاره ومواقعه الأثرية بهمجية لا تختلف كثيرا عما فعله التتار في تاريخ حضارتنا وثقافتنا العربية. حتي أصبحنا بلا منازع أحفاد التتار ولم نكن أبدا أحفاد الفراعنة.. فنحن نزور الأهرامات كي نخلد قصص حبنا الخالدة ونحفر أسماءنا علي صخورها الأثرية ثم نكمل غزوتنا بالأكل ورمي القمامة في أحضان أبو الهول.
وإذا أردنا التدقيق فهناك جيل آخر من التتار يحافظون علي الآثار ويحيطونها برعاية فائقة لأنها بالنسبة لهم الكنز الثمين لتحقيق حلم الثراء الفاحش. فأصبح لدينا بيزنس التنقيب عن الآثار وسرقتها وبيعها لمافيا تجارة الآثار في الخارج وتنتشر الظاهرة وتتمدد في ظل غياب عقاب رادع لهذه المافيا التي توغلت وتوحشت وباعت تاريخ مصر بأبخس الأثمان.
فلم يعد غريبا أن تشاهد الآثار المصرية في متحف تورينو بإيطاليا واللوفر في فرنسا وبرلين في ألمانيا والمتحف البريطاني ومتحف المتروبولتيان في أمريكا. بل لم يعد غريبا أن تري الآثار المصرية موجودة في إسرائيل تخلد تاريخها في بناء الأهرامات.
والكارثة الأكبر من الوعي الشعبي المنعدم بأهمية الآثار والجرم الذي لا يغتفر بسرقة وبيع التاريخ هو التخاذل الرسمي الذي جعل الدولة لا تمتلك قاعدة بيانات دقيقة بآثارها الموجودة وآثارها المهربة التي يقدر عددها بعشرات الآلاف من القطع الأثرية التي لن نتمكن من إعادتها لأننا ببساطة لا نعرف عنها شيئا. ومع استمرار الاكتشافات وعجزنا الإعلامي رغم كثرة أبواقنا الإعلامية عن استثمار أي حدث من أجل مصر أقول دعوا آثارنا نائمة تحت التراب فقد يأتي في المستقبل شعب يعرف قيمتها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف