الأخبار
رفعت رشاد
حريات - موسم تمزيق عبد الناصر
الكثير مما ينشر سلبا عن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر لا يستحق المناقشة أو الرد عليه. فالمصريون كالعادة تعودوا علي طمس تاريخ من سبقوهم وهو ما نجده واضحا في المعابد الفرعونية حيث يحرص كل فرعون علي محو تاريخ سابقيه وهي عادة مذمومة نجد نتائجها السلبية في حياتنا حيث يحرص كل وزير او مسؤول حكومي أو غير حكومي علي إظهار كل السلبيات في أعمال من سبقوه معتبرا نفسه ( أبو العريف ) أو ( اللي هايجيب الديب من ديله ). هذه السمة تنطبق أيضا علي المسئولين الذين يكتبون مذكراتهم فتجدهم يلونون كل الأمور بألوانهم الخاصة ويبتعدون عن الموضوعية بشكل ما، مظهرين أنفسهم في زي البطولة، مشوهين كل من لم يكن متفقا معهم أو علي هواهم.
مؤخرا نشرت بعض فصول من مذكرات عمرو موسي وزير الخارجية الأسبق وأمين عام الجامعة العربية الوحيد الذي أمضي في كل منصب منهما ١٠ سنوات وكان الفضل في ذلك للرئيس الأسبق حسني مبارك والذي نال من عمرو موسي ما نال بعدما وقعت واقعة يناير. انتهز عمرو موسي الفرصة واعتقد أن الكرسي الكبير في انتظاره فنزل من مكتبه في الجامعة العربية المطل علي ميدان التحرير ليذم في مبارك ويشارك في تقطيع الرجل الذي أعطاه أكبر منصبين دبلوماسيين.
مذكرات عمرو موسي تحتاج إلي تحليل نفسي فالرجل لم يترك فرصة إلا للإشارة إلي أصله وفصله وعلاقته بحزب الوفد وفِي الوقت نفسه مهاجمة عبد الناصر والتقليل من قيمته وقامته وتكرار الكلام عن النكسة وتفتيت الارض الزراعية بعد إعادة توزيع الارض علي الفلاحين، وغير ذلك مما انطلق وانتشر في عهد السادات وبعده لطمس إيجابيات عصر الزعيم الذي أنجز الكثير للفقراء. نغمة أو موسم تمزيق عبد الناصر لا ينقطع، ربما تكون هناك هدنة من البعض لكن يعود العزف مرة أخري ويتكرر الحديث عن الديمقراطية ونكسة يونيو والتأميم وحتي تأميم قناة السويس يحرصون في كتاباتهم وأخص الوفديين في صحيفتهم أو في المصري اليوم، فنجد بعضهم يصور لنا الديمقراطية التي حرمنا منها عبد الناصر وكأنها كانت موجودة من قبل بينما الواقع يؤكد أن الانتخابات كانت تزور والباشوات كانوا يصدرون القوانين التي تحافظ علي مصالحهم ومصالح طبقتهم ولذلك هم مقهورون لأن عبد الناصر أعاد توزيع الثروات، تلك الثروات التي يدعون أنها من عرق جبينهم بينما هي من عرق الفلاحين وعطايا محمد علي وأولاده ولا أعرف كيف نبلع أن يكون لدي أحدهم ألف فدان ( حد أدني ) بينما ألف فلاح لا يملكون سهما أو قيراطا.
صدعتمونا بموضوع النكسة فهو موضوع سخيف وكأن مصر الدولة الوحيدة التي خاضت حربا وخسرتها، التاريخ شاهد علي مآسي كبيرة بحجم نكستنا مئات المرات ولَم تجلد الشعوب نفسها ولَم تلطخ زعماءها. لقد تعرضت شعوب ودوّل عريقة للهزيمة العسكرية لكنها لم تفن وعادت لمجدها مرة أخري. لقد ادعو أن ناصر خسر ثلث مصر بينما سيناء تعادل ٦ في المائة فقط ومع ذلك صمد الزعيم والشعب ودارت حرب الاستنزاف وعادت سيناء، وكما تدور دوائر التاريخ علي كل العالم دارت علي مصر. أما موضوع الديمقراطية هذا والادعاء بأنه كان وراء النكسة وأنه سبب كل تخلف فهو أمر مغلوط فالاتحاد السوفيتي انتصر وهو أكبر دولة شمولية دكتاتورية والصين الآن تحقق أكبر تقدم اقتصادي وعلمي بينما يعتبرها الغرب دولة غير ديمقراطية.
كتاب الرأسمالية الوفدية وغيرهم لاهم لهم إلا تشويه الحقبة الناصرية فالاشتراكية رجس من عمل الشيطان لكن ننسي جلاء الإنجليز الذي تقطعت أنفاس الوفديين للاتفاق معهم علي ( أي حاجة ) يتبغددوا بيها أمام الشعب لكنهم فشلوا. يتذكرون التأميم وينسون أكبر تأميم في القرن وهو تأميم قناة السويس ويدعون أن التأميم جلب الخراب لمصر ولو كنّا انتظرنا حتي ١٩٦٨ لعادت القناة بدون حرب أو خسائر !!. ظلوا مذعورين من المواجهة طوال فترات حكمهم ولَم يجدوا في عهد عبد الناصر إلا كل قتامة ولَم يجدوا حسنة واحدة، ويكتبون بمدادهم ومشاعرهم السوداء بحجة إعادة تقييم فترة الناصرية أو عودة الوعي !!!.
بعد أيّام تحل ذكري وفاة الزعيم وأؤكد لمن أصابهم مرض أن البسطاء وفقراء هذا الوطن لن ينسوا ناصر. إنهم يرفعون صورته بعد ما يقرب من نصف قرن من موته ولم نر أحدا رفع صورة سعد زغلول أو النحاس أو سراج الدين لان الناس تعترف بمن أحبها بصدق وعاش من أجلها بكل جوارحه. رحمة الله عليك يا حبيب المصريين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف