جريدة روزاليوسف
وليد طوغان
وللحريات حدود أيضا!
واضح أن مواقع التواصل ازمة عالمية.. فى الدول المتقدمة ايضا يعانون.. صحيح الحريات مضمونة هناك.. لكن كثيرًا من دول أوروبا بدأت تتكلم هى الأخرى عن الفارق بين الحريات وبين الفوضى.
فى بريطانيا تجدد الجدل، اليومين دول، بعد مقترحات حكومية بتقنين استخدام مواقع التواصل الاجتماعى . فى البرلمان الانجليزى نوابا يرون ان استخدام مواقع التواصل خطر أحيانا.. وخطير أحيانا أخرى. يرون انه لابد من تقنين.. وضوابط.
مناقشات تقنين مواقع التواصل بدأت من وزارة العمال. فالاضرابات العمالية صداع المجتمع الانجليزي.. صداع فى رأس الساسة.. وصداع فى رأس المجتمع.
فى انجلترا لاحظوا ان هناك من يخلط الأمور، ويسرع بالتحريض، ويستغل الظروف فى إحداث قلاقل اجتماعية تحت شعارات زائفة.. وبحجج مصطنعة.
حتى فى أوروبا هناك ارزقية مواقع تواصل.. وسياسة .
المهم.. فى الشارع الانجليزى رأيان، واحد ضعيف وآخر قوى. الأول يرى أن الحق فى الإضراب والحق فى الاحتجاجات العمالية ثابت متى شاء العمال، ومتى شاءت نقاباتهم وبأى طريقة كانت، من اول البوستات النارية على فيس بوك وتويتر، مرورا باللافتات على حوائط المصانع وفى الشوارع. رأى آخر أقوى، يرى أن استخدام مواقع التواصل بعشوائية وبلا ضوابط اجتماعية ولا قانونية.. لا هى حرية ولا هى سلوك مجتمع متحضر .
ولأن الجدل خطير.. ولأن العمال «زودوها» انتقلت الأزمة للبرلمان. نواب كثيرون تبنوا حملة ضد فيس بوك، تويتر . قالوا: خطيرة وعشوائية .. والعشوائية «خراب بيوت».. وخراب دول أيضا.
منذ فترة، أعلنت أغلبية فى مجلس العموم، وقوفها فى صف وزير النقابات العمالية. وجهة نظر الوزير أنه إذا كان الإضراب حق طبيعى للعامل، وقتما اراد، ومتى شاء، فإن معرفة وقت الإضراب، وميعاده، إضافة الى قواعد استخدام لمواقع التواصل فى الترويج لهذا الإضراب هو حق للمواطن الإنجليزى الذى يستفيد من الخدمات التى يقدمها العامل.. وتتحكم فيها نقابات العمال.
وزير العمال البريطانى من اشد المنادين بقانون لتنظيم النشر على مواقع التواصل. لابد من تشريعات، تحدد ما الذى يقال، وما الذى ينشره العمال، لان كثيرا مما ينشروه ويقولوه يضر بالمصلحة العامة للبلد ، بحجة الحق والمستحق.
فى حواراته للصحافة، قال وزير العمال ان مواقع التواصل الاساس فيها دردشة اجتماعية.. وترفيهية ، لكنها تحولت ، إلى مراكز قوة، ووسائل انتشار لا سيطرة لأحد عليها. فلا قانون، ولا عاصم من إساءة استخدامها، أو توجيهها فيما يضر.
حد هيسأل: هل هذا الكلام فى إنجلترا ايضا؟ الاجابة: نعم. شرائح كبيرة فى المجتمع الإنجليزى، تبينت أن إهمال وسائل التواصل بحجة «الحريات» يهدد الأمن الداخلى. وعندما يأتى الكلام عن أمن المجتمع فى أوروبا ، فلا مجال لحديث عن الحريات الشخصية.. ولا مساحة للاعتداد بكلام مزوق عن حقوق الأفراد.
لذلك تقدمت الحكومة، بمقترح تعديلات على قانون النقابات العمالية والإضرابات، شمل مواد تحظر استخدام مواقع التواصل فى مناقشة اسباب اضرابات العمال، وتحظر مناقشة مطالباتهم للحكومة باى امر.
بعد احداث إرهاب لم تكن متصورة ولا متوقعة فى اوروبا، بدا ان الشارع الإنجليزى يميل الى عدم قبول ما يسمى بالحريات المطلقة ..عمال على بطال . غير الارهاب، فالاوساط العمالية هى الاخرى قلق مزمن للانجليز. لذلك فالغالبية فى الشارع البريطانى مع سن قواعد لاستخدام مواقع التواصل فى الاضرابات .. وفى السياسة.
يقولون إن التعديلات التشريعية المقترحة بخصوص مواقع التواصل، محاولة لسد فرص التلاعب من أقليات نقابية لإثارة الفوضى باسم المجموع. وهو حل كما يقولون ايضا للحد من رغبات مجموعات «غير خالصة النية» فى إثارة القلاقل باسم العمال.. وباسم الحريات.
فى بريطانيا متحضرون وديمقراطيون، لكن للحضارة حدود.. وللحريات ايضا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف