فادى عيد
كيف يتم تحريك الورقة الكردية ولصالح من؟!
ما يحدث بالشرق الأوسط منذ 2011 أو بالأحرى 2003 «غزو العراق»، لم يكن ربيعًا ديمقراطيًا ولا عربيًا بالمرة، وما كان إلا ترسيم لشرق أوسط جديد، بعد تصحيح أخطاء سايكس بيكو1، فدعونا نتأمل ما يحدث بمحافظة كركوك العراقية التى تذهب نحو الانفصال، كى تشهد منطقة الشرق الأوسط ميلاد دولة جديدة، وسواء تم الاستفتاء أو تأجل، فكركوك أعلنتها واضحة وصريحة لم تعد تتحمل العراق، لم تعد تتحمل العرب من حولها، وهنا دعونا نرى المستجدات بالورقة الكردية بعين أكثر عمقًا لنرى ما يحدث بالإقليم.
فطهران وضعت بالأمس حزب الله على حدود إسرائيل، واليوم تل أبيب تضع «كركوك» بالقرب من حدود إيران «كلاً منهما حرك الطابية تجاه الخصم»، كى تكون حاجزًا وقاطعًا للطريق الطويل الممتد من طهران إلى بيروت، لذلك لم نتعجب دعم إسرائيل للكيان الجديد بالمنطقة، وكى لا يمتد مشروع كركوك إلى سوريا ويشكل تهديدًا أكثر ما هو يشكل حاليًا على تركيا، فالجيش التركى يقوم منذ أسبوع بحالة حشد عسكرى هائلة بولاية كيليس وهاتاى «اسكندرونة» تمهيدًا لدخول إدلب، وهنا ستكون أولى المواجهات المباشرة بين الأكراد وتركيا، وإذا كان هذا شكل الوضع بين تركيا وتنظيم قسد، فلا ننسى أن تنظيم «بى كا كا» يسيطر على 580 كم من الأراضى على الحدود التركية، وعلى الخمسة المعابر الحدودية وهى شنيورت وجيلان بينار وإصلاحية ومرشد بينار وآقتشه قلع.
ولكن تركيا فى تل الحرب قد لا تكون وحدها فى مواجهة الأكراد، فالدولة السورية أيضًا أعلنت فى أكثر من مناسبة كان آخرها على لسان الدكتورة بثينة شعبان مُستشارة الرئيس السورى، عن مواجهة تنظيم قسد، عندما قالت: «إن الجيش العربى السورى سيقاتل أى قوة، بما فى ذلك القوات التى تدعمها الولايات المتحدة، من أجل استعادة السيطرة على كامل البلاد».
وحينها قد ترافق المقاتلات الروسية الجيش السورى فى مواجهة قوات سوريا الديمقراطية، وهذا الأمر أكده البنتاجون بتوجيه المقاتلات الروسية ضربات لمواقع تنظيم قسد شرق نهر الفرات، برغم نفى موسكو.
للعلم تحرك تركيا المقبل تم الاتفاق عليه بأستانا 6 «الأخيرة»، وبموافقة جميع الأطراف، ولكن كيف سيكون الشكل النهائى لشمال سوريا، هل ستسير تركيا على غرار الأردن التى سلمت الجنوب للدولة السورية بعد سحب الفصائل الإرهابية، أم أن تركيا ستكرر نموذج معسكر بعشيقة بالعراق التى لم تخرج منه حتى الآن، أم أن تركيا ستطبق الهدف القديم بتسليم المناطق المسيطر عليها شمالاً لفصائل إرهابية موالية لها، تمهيدًا لتكون بعد ذلك دولة الإخوان بشمال سوريا.
الأكراد بسوريا يظنون أنهم ذاهبون لاكمال باقى أجزاء الدولة الكردية بشمال سوريا بعد أن يتم وضع حجر الاساس بكركوك، ولكن حقيقة الأمر هم أداة تتلاعب بها واشنطن وتل أبيب لاستكمال دور داعش فى استنزاف الجيوش، وتفتيت الأراضى، وخلق صراع عرقى بعد أن كان طائفيا.
وفى كل الحالات سواء صارت للكرد دولة أم لا، فالمؤكد الوحيد أنه ستأتى لحظة سيدفعون فيها ثمن خروجهم من حضن الدولة السورية «التى عرضت عليهم الكثير»، ثمنًا غاليًا جدًا، وستكون مستقبل تلك الدولة أو ذلك الجنين المشوه أشبه بمصير دولة جنوب السودان، وساذج منهم من صدق الأمريكان والصهاينة بأن النفط الذى سيكون فى أراضيهم سيجعلهم يعيشون فى الجنة.
فسايكس بيكو 1 أفرز إسرائيل «كلب حراسة مصالح الغرب بالشرق الأوسط»، وسايكس بيكو 2 أفرز الأكراد «كلب حراسة إسرائيل الكبرى على حدودها الشمالية»، وإسرائيل ترى أن مشروع الدولة الكردية أفضل سلاح تهدد به كل المحيطين بها شمالاً، وتلك المعادلة التى يسعى لها الحاكم الحقيقى للولايات المتحدة والنظام العالمى.
*الباحث والمحلل السياسى بشئون الشرق الأوسط