يجب أن نعترف بأننا لسنا ملائكة، وكثيرا ما نقع فى أخطاء عند الكتابة، وقد نكتشف الخطأ بعد نشره فى اليوم التالى، وقد ينبهنا له آخرون، وقد نكتشفه نحن بعد فترة، بعضنا «يصهين» تحت زعم إن كل بنى آدم خطاء، وجل من لا يسهو، وطالما تتوفر حسن النية والقلب الأبيض فلا مشاكل، والبعض الآخر، وأنا منهم، أشعر بالذنب والتقصير.
لذلك أعترف اليوم أننى قد أخطأت فى عملية حسابية بمقال نشرته الأسبوع الماضى تحت عنوان: «2 مليار جنيه لقراءة العداد»، كنت أتناول فيه خبر استعانة وزارة الكهرباء بشركة خاصة تتبع أحد الأجهزة لقراءة العدادات، مقابل 175 قرشا للعداد الواحد، بتكلفة 50 مليون جنيه فى الشهر.
مسكت المحمول واستخرجت خاصية الحاسب الآلي، وضربت «50 مليون فى 12 شهر»، وكتبت ما ظهر لى على الشاشة، ويبدو أننى ضربت بعض الأرقام غير الصحيحة، وترتب على الخطأ رقم غير صحيح بالمرة، وهو مليار ونصف المليار جنيه فى الشهر، أضفت إليها متوسط المبالغ المنصرفة كمرتبات وحوافز وبدلات شهريا، وكانت النتيجة أقرب من المليارين، يعنى أن الوزارة سوف تتكلف ما يقرب من 2 مليار جنيه كل سنة لقراءة العداد، فى الوقت الذى تحتاج كل جنيه لتصنيع محطة توليد أو لصيانة محطة تعمل فى الخدمة، ناهيك عن ديونها لوزارة البترول، وهى قيمة الوقود الذى تدير به محطات الكهرباء.
هذا الخطأ اكتشفته منذ يومين فقط، بالمصادفة وقعت عينى على المقال بعد نشره، واتضح أننى أخطأت فى المبلغ، حيث إن الصحيح هو 600 مليون جنيه، قيمة العقد الذى ستوقعه الوزارة مع الشركة، أضف إليها مرتبات العاملين بالوزارة، يقترب المبلغ من المليار، وهو مبلغ ليس بسيطا ولا صغيرا، واقتصاديا يضاف إلى تكلفة الكهرباء التى تنتجها المحطات وتبيعها للمواطنين، وهو ما يعنى أننا نتحمل قيمة الكهرباء مضافًا إليها المبلغ الذى تسدده الوزارة للشركة وللموظفين، وكلما زادت تكلفة الموظفين تحمل المواطن جزءًا من هذه التكلفة.
على أية حال، أقر بأننى قد أخطئ حسابيا، وأعتذر للوزير والوزارة عن هذا الخطأ الذى كان يمكن تجنبه لو عدت لآلة حاسبة أو لو كنت قد راجعت المقال قبل إرساله للجريدة، لكن يجب أن أحمل الصديق الكاتب وجدى زين الدين جزءًا من الوزر، لأنه يقرأ مقالى يوميا قبل نشره أكثر من مرة، وكثيرا ما يتصل بى ويطالبني: إما بتخفيف حدة المقال، من حاد جدا إلى حاد فقط، ومن عنيف إلى حاد، أو من حاد إلى غير حاد، وكثيرا ما يطالبنى بتغيير المقال، وأقول له يا وجدى، ويرد: لما نقعد هبقى أقولك، وفى كل مرة أستجيب على مضض لأنه هو رئيس التحرير والمسئول أمام الحزب وأجهزة الدولة، لكن هذه المسئولية لا تعفيه بالطبع من تحمل جزء من الخطأ، خاصة أن هذا الخطأ أكد أنه مثل حالاتى بليد فى الحساب. على كل، المسامح كريم، وجل من لا يسهو.