فيتو
محمد صلاح الزهار
عبد الناصر وأتباعه!
ردا على ما أورده السيد عمرو موسى في مذكراته، اتفق الناصريون جميعا، ربما دونما اتفاق، على نفي واقعة أن عبد الناصر كان يستقدم بعض المواد، من الخارج لتناولها ضمن نظام غذائي خاص به لمواجهة أعراض مرضية! اندفع الناصريون موجهين سهامهم وبكل قوة وقسوة ضد عمرو موسى، بل تجاوز البعض منهم بتوجيه سباب وعبارات تشكل سبا وقذفا له!

وللتوضيح فقط.. لا أهدف مما أكتبه هنا في هذا المقام التعرض بالنفي أو التأكيد لما ذكره عمرو موسى، وأنوه أيضا إلى أني لا أهدف من كلماتي هذه الدفاع عنه أو مباركة ما قد يشكل مساسا بالزعيم الراحل.

كان لافتا أن كثيرين ممن يحسبون أنفسهم على الزعيم الراحل، الذين اشتبكوا مع عمرو موسى اتفقوا أيضا، وربما دون أن يتفقوا، على اختزال كل تاريخ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في أنه كان فقيرا معدما زاهدا في المأكل والملبس وفى البعد عن كل مظاهر الرفاهية في الحياة، وإنه كان نزيها شريفا.

أظن أن قصر الدفاع عن الرجل بهذه الطريقة فيه ظلم فادح للرجل صاحب الفكرة والمشروع الوطني والقومي الكبير، فلا بأس، ولا تشكيك بالطبع، في أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان زاهدا وشريفا ونزيها، وهذا أمر ليس بمستغرب، والمفترض أن هذه الصفات لابد أن تتوافر في كل صاحب فكرة ومشروع كبير، خاصة إذا كان بحجم عبد الناصر، أظن أيضا أن من يحسبون على الزعيم الراحل أخطئوا كذلك في حق الرجل وأخطئوا أكثر في حق مشروعه، وللأسف يزالون على موقفهم الخاطئ الذي اتخذوه منذ رحيله قبل ما يقرب من نصف قرن من الزمان، فقد فضلوا الانغلاق على ذواتهم، مكتفين، فقط، برفع شعار الانتماء والولاء لعبد الناصر، تاركين مشروعه يتبدد ويضيع في مواجهة مشروع آخر تمدد وملأ العالم ـ ربما يختلف كثيرون معه ويصفه البعض الآخر بالإرهاب هو مشروع القوى التي تطلق على نفسها قوي الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان وتفريعاتها، الكيان السياسي الأكبر الذي كان مناهضا لعبد الناصر ومشروعه منذ قيام ثورة يوليو ٥٢.

هذه التيارات وجدت ضالتها يوم هزيمة يونيو سبعة وستين، وحال القدر بين عبد الناصر وبين محاولته انتشال مشروعه من دوامة الفشل والهزيمة برحيله.

لقد فشل الناصريون ومعهم كافة رموز القوى المدنية، في استدعاء أهداف مشروع عبد الناصر السياسي وتعديل سبل تحقيقها، حسبما اقتضت التطورات التي استجدت خلال العقود الماضية.

المثير أيضا أن من يقرأ تاريخ عبد الناصر، يكتشف أنه كصاحب مشروع سياسي كبير، أصاب وأخطأ، وأنه على مدي مراحل فترة حكمه كان حريصا على مداومة إصلاح الإنطاء والتراجع عنها، وربما من يقرأ مراحل سعي عبد الناصر لإنشاء تنظيم سياسي مساند للنظام، يكتشف أن الرجل وجه بتشكيل الاتحاد القومي لتلافي أخطاء هيئة التحرير أول تنظيم سياسي أنشأه بعد الثورة، وبعدها أنشأ الاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي لتلافي أخطاء التجربة.

ويؤخذ على عبد الناصر ميله اتخاذ أسلوب التنظيم الواحد في الحياة السياسية، وأظن أنه لو كان المولي سبحانه وتعالي قد مد في عمره لاستعاد التعددية الحزبية كأسلوب في السياسية. وعبد الناصر أيضا هو من بادر بالتنحي بعد هزيمة يونيو متحملا المسئولية معترفا بوقوع أخطاء.

يا أتباع عبد الناصر.. أهداف مشروع الزعيم الراحل ثابتة وصالحة كمبادئ لكل زمان، ولكن الأساليب والأدوات لتحقيق هذه الأهداف، هي التي لابد أن تتغير حسب تطور الزمن والظروف.

كفاكم حرصا على الوقوف متفرجين، مكتفين بالتلويح بين الحين والأخر، بانتمائكم لعبد الناصر، ربما تتحمل الأنظمة المتعاقبة نصيبا من المسئولية عن حالة الجمود السياسي التي نعانيها، ولكني أحملكم المسئولية الأكبر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف