الجمهورية
سعد سليم
رسائل قوية و واضحة وجريئة من السيسي لكل حكام العالم
يكتب من نيويورك
العالم يصفق لمصر ورئيسها وشعبها
رسائل قوية و واضحة وجريئة من السيسي لكل حكام العالم
القصور الدولي واضح في تحقيق غاياتنا جميعاً
الدولة الوطنية الحديثة.. المخرج الوحيد لأزمات المنطقة العربية.. وهو جوهر سياسة مصر
الحل السياسي في سوريا وليبيا ضرورة.. ولابد من تسوية شاملة للقضية الفلسطينية

يوماً بعد يوم تثبت الأحداث والمناسبات قدرة الرئيس السيسي علي التحدث بجرأة منقطعة النظير واقتدار وثقة وثبات لم نشهده في رئيس عربي من قبل في المحافل الدولية حاملاً هموم بلده ووطنه العربي وقارة أفريقياً بل والعالم أجمع.
تجلي ذلك بوضوح في كلمته القوية الواضحة والمرتبة جيداً التي ألقاها أمام الاجتماع ال 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك أول أمس والتي حملت رسائل مباشرة وقوية وحيادية تعكس ملخصاً للسياسة الخارجية المصرية.
الرئيس عبدالفتاح السيسي وضع النظام الدولي أمام مسئولياته فيما يتعلق بجميع القضايا المطروحة علي الساحتين الدولية والعربية والافريقية.. مؤكداً أن أهداف ومقاصد الأمم المتحدة لاتزال صالحة لتأسيس عالم يتيح لكل أبنائه فرصة الاستفادة من منجزات التقدم العلمي والاقتصادي وثورة الاتصالات التي ربطت بين مجتمعات العالم وما تحمله من إمكانيات عظيمة لتحقيق حلم النظام الدولي العادل والآمن والملتزم بحقوق التنمية والحرية والتقدم والتواصل المفتوح بين البشر.
كان الرئيس واضحاً عندما أكد اننا في مصر لدينا إيمان عميق بقيم منظمة الأمم المتحدة وأهداف ميثاقها ولدينا ثقة كبيرة في أن تحقيق هذه القيم أمر ممكن بل واجب حتمي وضروري.. وتشهد تجربة مصر الطويلة مع الأمم المتحدة باعتبارها إحدي الدول المؤسسة لهذه المنظة ولذلك يتم انتخابها عضواً بمجلس الأمن ل 6 مرات.. وتعد سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام الأممية وأن مصر تسعي دائماً لتحقيق ما تؤمن به من شراكة أممية لبناء عالم يستجيب لطموحات أبنائنا وأحفادنا في الحرية والكرامة والأمن والرفاهية.
الرئيس السيسي استعرض مشاكل المنطقة العربية ووجه رسائل عميقة وقوية للنظام العالمي وقدم رؤية مصر من أجل حل مشاكل المنطقة.. وأشار بعين مطمئنة إلي أن مشاكل المنطقة العربية تلخص أزمة النظام العالمي وعجزه عن الوفاء بالمقاصد والغايات التي قامت من أجلها الأمم المتحدة.
فمنطقتنا العربية باتت بؤرة لأشد الحروب ضراوة وأصبحت أكثر المناطق تعرضاً لخطر الإرهاب وأصبح ثلث عدد اللاجئين في العالم من أبناء الوطن العربي.. أما الشاهد الثاني علي أزمة النظام الاقتصادي العالمي فيتمثل في قارة أفريقيا التي تقع في القلب من سياسة مصر الخارجية. كما أشار الرئيس في كلمته.. هذا النظام الذي يكرس سياسة الفقر ويتحمل مسئولية كبيرة عن إنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تهدد الاستقرار والسلام الدوليين وتجعل من الحديث عن التنمية المستدامة مجرد حديث مرسل من المجتمع الدولي.
كل هذه المشكلات وغيرها كثيراً جعلت مصر تقع علي حافة أخطر بؤر الأزمات في العالم.. وباعتبارها من الدول الكبري في المنطقة والأكثر قوة وتأثيراً وقبولاً. كان عليها أن تشق طريقها بثقة في ظل هذه المخاطر غير المسبوقة.. تتبني استراتيجية تنموية طموحة تقوم علي إصلاحات اقتصادية جذرية وشجاعة تهدف لتمكين جيل الشباب ليس في مصر فقط بل في أغلب المجتمعات الفتية في الدول العربية والعالم النامي.
ومن الطبيعي أن تقترن هذه الخطة التنموية الشاملة والطموحة بسياسة خارجية نشطة وفاعلة تستلهم المباديء الأخلاقية الراسخة في تراثنا وقيمنا وتلتزم بالمباديء القانونية للنظام العالمي الذي شاركت مصر في تأسيسه.
لخص الرئيس السيسي جوهر سياسة مصر الخارجية في ضرورة التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة التي تقوم علي مباديء المواطنة والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان.. وتتجاوز الميل للولاءات المذهبية والطائفية والعرقية والقبلية. مشدداً علي أن طريق الإصلاح لا يمكن أن يتم علي أنقاض الدولة الوطنية.
الرئيس السيسي حدد بصراحة ووضوح وقوة وجسارة رؤية مصر في حل أزمة سوريا مبيناً أن هذا الحل لابد أن يأتي من خلال توافق جميع الأطراف السورية ويكون جوهره الحفاظ علي وحدة الدولة السورية الشقيقة والحفاظ علي مؤسساتها ومواجهة الإرهاب بحسم حتي القضاء عليه.
أما الوضع في ليبيا فتحدث عنه الرئيس بمنتهي القوة والثقة وأكد بمنتهي الوضوح والعراقة والصراحة أن مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة ليبيا أو المناورة بمقدرات الشعب الليبي الشقيق.. ولا حل أيضاً في ليبيا إلا بشكل سياسي يواجه محاولات تفتيت الدولة وتحويلها مرتعاً للصراعات القبلية ومسرحاً للتنظيمات الإرهابية وتجار السلاح والبشر.
أيضاً وجه الرئيس رسائل قوية ومؤثرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والتي وصفها بأقدم الجروح الغائرة في منطقتنا العربية وباتت هي أيضاً شاهدة علي قصور النظام العالمي في تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن في هذا الشأن.. مشيراً إلي أن إغلاق هذا الملف لن يتأتي إلا من خلال تسوية عادلة تقوم علي الأسس والمرجعيات الدولية وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. للانتقال بالمنطقة إلي مرحلة الاستقرار والتنمية والسلام واستعادة مصداقية الأمم المتحدة والنظام العالمي من جديد.
أكد الرئيس أن يد العرب مازالت ممدودة بالسلام وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن ولابد أن يكون هدفاً واقعياً يجب علينا جميعاً مواصلة السعي لتحقيقه بجدية.
صفق كل الحاضرين بالقاعة مرتين وهو ما لم يحدث خلال كلمات رؤساء الدول والوفود المشاركة في الاجتماع إعجاباً وتقديراً لرؤية مصر ورسائلها القوية التي أرسلها الرئيس عبدالفتاح السيسي لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين وكذلك كل الدول المحبة للسلام والراعية له.. عندما قال للإخوة الفلسطينيين "اتحدوا وراء الهدف وابتعدوا عن الاختلاف وأقبلوا التعايش مع الآخر في أمان وسلام واستقرار للجميع".. أما الشعب الإسرائيلي فكان نداء الرئيس له أن يقف خلف قيادته وأن يكرر تجربة السلام مع مصر وأن يحافظوا علي أمن وسلامة المواطن الفلسطيني جنباً إلي جنب المواطن الإسرائيلي وطمأنهم إلي أن الجميع معه وأن هذه الفرصة ربما لن تتكرر مرة أخري.
لم ينس الرئيس أن يوجه رسالة إلي كل الدول المحبة للسلام وكل الدول العربية الشقيقة حثهم من خلالها علي ضرورة أن تساند هذه الخطوة الرائعة التي ترمي إلي حل القضية الفلسطينية حلاً جذرياً والتي إذا نجحت ستغير وجه التاريخ.
حديث الرئيس عن الإرهاب جاء صريحاً ومحدداً وأصاب الهدف بمهارة فائقة.. فلا يمكن لأحد أن يتصور وجود مستقبل للنظام الإقليمي أو العالمي بدون مواجهة شاملة وحاسمة مع الإرهاب لتقضي عليه وتستأصل أسبابه وجذوره وتواجه بلا مواربة كل من يدعمه أو يموله أو يوفر له منابر سياسية أو إعلامية أو ملاذات آمنة.
فلا مجال لحديث جدي عن مصداقية نظام دولي يكيل بمكيالين.. يحارب الإرهاب في الوقت الذي يتسامح فيه مع داعميه بل ويشركهم في نقاشات حول سبل مواجهة خطر هم صناعه في الأساس.. ناشد الرئيس النظام العالمي أن يبتعد عن المواءمة والازدواجية لتحقيق مصالح سياسية علي أنقاض الدول ودماء الشعوب التي لن تسمح أن تضيع هدراً تحت أي ظرف من الظروف.
نبه الرئيس أيضاً في كلمته إلي أن القضاء علي جذور وأسباب الأزمات الدولية ومصادر تهديد الاستقرار العالمي لابد أن يأتي عن طريق تفعيل مبدأ المسئولية المشتركة بين أعضاء المجتمع الدولي لتضييق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول.. فأي مصداقية يمكن أن تكون لمنظمة الأمم المتحدة عندما يكون النظام العالمي الاقتصادي نفسه مسئولاً عن تكريس التفاوت وبعيداً عن قيم العدل والمساواة.. وأي فرصة يمكن أن تكون متاحة أمام الدول النامية مهما صح عزمها بدون معالجة جذرية لأوجه الخلل في الأوضاع الاقتصادية العالمية.. فلابد من إشراك العالم النامي في هيكل الحوكمة الاقتصادية العالمية وتيسير نفاذه إلي التمويل الميسر ونقل التكنولوجيا.
أيضاً لم ينس الرئيس أن يؤكد في رسائله المهمة للعالم من علي منبر الأمم المتحدة إلي أن احترام مباديء القانون الدولي والتفاوض علي أساسه واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها هو الطريق الوحيد لتسوية الخلافات في عالمنا.. فلا يمكن أن تكون القوة أو المعادلات الصفرية هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق المصالح.. وضرب الرئيس مثلاً علي ذلك باهتمام مصر بإطلاق مبادرة حوض النيل عام 1999 وسعت للتوصل لاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا لمعالجة قضايا سد النهضة من منظور تعاون لتنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة في أحواض الأنهار العابرة للحدود في مختلف أنحاء العالم.
أكد الرئيس علي أن هذا الاتفاق سيظل هو الإطار القانوني القادر علي ترجمة منطق التعاون والتشارك بين الدول الثلاث متي خلصت النوايا وتم الالتزام بالتطبيق.. لتجنب ضياع فرصة تقديم نموذج ناجح لإدارة العلاقة بين ثلاث دول شقيقة في حوض النيل.
اختتم الرئيس كلمته الهامة والطموحة والقوية بالتأكيد علي ضرورة الاعتراف بأوجه قصور النظام الدولي عن تحقيق الغايات والمقاصد السامية التي قام من أجلها.. مع الالتزام بإنشاء واقع دولي أكثر إنصافاً.. لأن تحقيق العدالة بأوسع معانيها علي الصعيد العالمي هو الشرط الضروري لمواجهة المخاطر الرهيبة التي تعصف بعالمنا اليوم وتهدد مصداقية النظام الدولي.. ولعل مأساة أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار خير دليل علي هذا القصور في النظام الدولي وعدم قيامه بمسئولياته الأخلاقية قبل القانونية.
طالب الرئيس في النهاية بضرورة التحرك معاً لتمكين الشعوب من استعادة مقدراتها وفتح آفاق جديدة للتعاون بين كل أعضاء المجتمع الدولي لنخرج سوياً من دائرة المصالح الضيقة وتغليب منطق القوة إلي رحابة المصالح الإنسانية المشتركة والتعاون بين الجميع.
رسالة مصر التي حملها الرئيس السيسي للعالم كانت جلية وواضحة وحملت آمالاً عريقة ووضعت أطراً واضحة لحل مشاكل المنطقة العربية والدولية والأفريقية وعزمت كثيراً علي ضرورة العمل المشترك في الفترة المقبلة للوصول إلي عالم أفضل وأكثر أماناً.
هذه هي مصر الكبيرة التي تتحمل دائماً فوق طاقتها من أجل أن يعم الأمن والاستقرار والسلام ربوع منطقتنا العربية والأفريقية.. عاشت مصر قوية أبية آمنة مستقرة بفضل شعبها وقيادتها وجيشها وحراسة المولي عز وجل لها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف