بيان الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام. هو البيان الأفضل من البيانات الثلاثة السابقة. التي أدلي بها من قبل منذ عام 2014. فقد اهتم في بيانه الأول بفك ذلك الحصار غير المعلن الذي فرضته واشنطن وعواصم أوروبية أخري علي مصر في أعقاب الإطاحة الشعبية بحكم ا0لإخوان والتخلص من حكمهم الفاشي والمستبد.. بينما اهتم بيانه الثاني في العام التالي بتوجيه رسالة للعالم. فحواها أن مصر تستعيد بقوة استقرارها. ولن تتواني عن محاربة العنف والإرهاب بكل قوة.. أما بيانه الثالث في العام الذي بعده فقد اهتم بأن يفهم العالم أن حرب الإرهاب التي تخوضها مصر بقوة. لن تثنيها عن المضي بذات القوة في معركة البناء والتنمية للنهوض ببلادنا ورفع مستوي معيشة أهلها.. وفي البيان الجديد والرابع له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. فإن الرئيس السيسي اهتم بأن يقدم روشتة علاج مصرية لما يعانيه العالم من أمراض العنف والنزاعات الإقليمية وافتقاد السلم والأمن. فضلاً عن الظلم الذي يتسم به النظام العالمي. والذي أفضي إلي استمرار التوتر في عالمنا وازدياد الفقر واتساع الفجوة بين الدول الغنية المتقدمة والدول النامية.. لقد أراد الرئيس السيسي أن يقول لكل الدول الكبيرة إن لمصر دوراً ليس إقليمياً فقط. وإنما دور عالمي أيضاً.. وهي تبادر الآن في القيام به وتضطلع بمسئولياته. مع التركيز بالطبع علي المنطقة العربية وأفريقيا.. أي المحيط الحيوي للأمن القومي المصري.
ولذلك قدم السيسي لأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة روشتة مصرية لأمراض العالم الخطيرة. تبدأ بضرورة الحفاظ علي كيان الدول الوطنية ووحدة أراضيها. وعدم تقسيمها إلي كيانات قزمية صغيرة مهيضة الجناح. يسهل فرض الهيمنة عليها من قبل الدول الكبيرة والعظمي.. وتشمل هذه الروشتة المصرية مواجهة جادة للإرهاب. لا تقتصر علي تنظيم واحد له. وإنما تشمل كل تنظيماته. وتشمل أيضاً تلك الدول والحكومات والهيئات التي تدعم الإرهاب وتمول الإرهابيين وتسلحهم وتدربهم. وتوفر لهم الملاذ الآمن والغطاء السياسي والخدمات اللوجستية.. بالإضافة إلي ضرورة الحل العادل للمشكلة الفلسطينية بمنح الفلسطينيين استقلالهم وإقامة دولتهم المستقلة علي أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وتكون عاصمتها القدس الشرقية.. فضلاً عن نبذ التدخل في الشئون الداخلية للدول المختلفة. وإقرار مبدأ التعاون في حل المشاكل والنزاعات العالمية. علي غرار ما فعلت مصر تجاه دول حوض نهر النيل. عندما تقدمت بمبادرة للتعاون معها وبينها. وهو ذات النهج الذي سلكته مصر تجاه موضوع سد النهضة الأثيوبي. والملفت للانتباه أن السيسي لم يكتف فقط بطرح تلك الروشتة المصرية لأمراض العالم علي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة فقط. وإنما أوضح بجلاء أن مصر سوف تطبق بنفسها هذه الروشتة وبقوة.. وفي هذا الإطار يمكن فهم ما قاله الرئيس بخصوص ليبيا وتحديداً ما يتعلق بأن مصر لن تسمح بتقسيم ليبيا. والنيل من كيان دولتها الوطنية.. وهي رسالة للجميع.. للدول والحكومات التي تدعم الإرهاب. والأخري التي تتبني سياسة تقويض كيان الدول الوطنية بأن مصر لن تفرط في أمنها القومي. وسوف تدافع عنه بكل قوة وبدون تهاون أو مساومات دولية. أو إقليمية.. مع العلم أنها تفتح ذراعيها للتعاون مع الجمعية بشرط احترامها وعدم الجور علي مصالحها أو التدخل في شئونها الداخلية.. فالأمن القومي العربي من الأمن القومي المصري.. ولعلها هي الرسالة الأهم في بيان الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام. ليضعها الجميع في اعتباره وهو يحدد سياساته تجاه مصر. خاصة في السنوات الأربع القادمة.