انتهيت مؤخرًا من قراءة كتاب «القدس».. خمسون عامًا من التهويد لزميلنا العزيز أحمد أبوزيد نائب رئيس تحرير الوفد، والذى تحدث فيه عن تفاصيل المخطط الصهيونى لابتلاع المدينة المقدسة والذى يشمل تهويد البشر والأثر، والحضارة والتاريخ، والكتاب جهد كبير ويقع فى سبعة فصول يسبقها تمهيد من ميراث الإسلام وينتهى بخاتمة ونتائج وتوصيات.
وكما يقول «أبوزيد» لقد مر على احتلال القدس العربية خمسون عامًا منذ وقعت تحت براثن الاحتلال الصهيونى الغاشم عام 1967.. وعبر النصف قرن الماضى تعرضت المدينة المقدسة لمخطط صهيونى رهيب استهدف تهويدها وتغيير طابعها العربى والإسلامى الذى عاشت فيه قرونًا طويلة وتطويقها بسلسلة متصلة من المستوطنات وتحويلها إلى مدينة يهودية لا علاقة لها بجذورها العربية ولا صلة لها بهويتها الإسلامية.
ويتطرق أبوزيد فى مقدمة الكتاب إلى أن الحركة الصهيونية استهدفت القدس منذ منتصف القرن التاسع عشر وقبل قيام إسرائيل بما يقرب من مائة عام باعتبارها قلب فلسطين النابض ومفتاحها الاستراتيجى وحددت الحركة هدفها باحتلال المدينة وجعلها عاصمة لإسرائيل وسعت الحركة الصهيونية منذ تأسيسها إلى تنفيذ غايات ثلاث، أولاها: إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين باعتبارها من وجهة نظرهم أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض.. وثانيتها اقامة القدس الكبرى كمشروع تاريخى لإسرائيل بعد طمس وتغيير هويتها العربية والإسلامية.. وثالثتها: بناء الهيكل اليهودى الثالث على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.
ويقول «أبوزيد» إن تهويد القدس يعنى تحويل المدينة المقدسة عن هويتها العربية والإسلامية لغة وثقافة وعقيدة وحضارة وعمارة وتاريخًا وأرضًا ومكانًا إلى الهوية الصهيونية اليهودية، وهذا المخطط يأتى فى إطار ما تمارسه منذ احتلال فلسطين من حملات منظمة على أرض الواقع لتزييف تاريخ المدينة المقدسة والزعم كذبًا وزورا بأنها مدينة يهودية النشأة.. الكتاب جهد كبير من «أبوزيد» يؤرخ فيه بما لا يدع أدنى مجال للشك أن المخططات الصهيونية التى تجرى على أرض الواقع، تحتاج إلى وقفة حاسمة من الدول العربية والإسلامية من هذه المخططات الصهيونية ضد المدينة المقدسة.. ولا يجب أبدًا بأى حال من الأحوال السكوت على المساخر والمهازل التى تحدث للقدس والمسجد الأقصى.. ولم يعد ينفع أبدًا الاستنكار والشجب فى مثل هذه الظروف الراهنة.
ضياع القدس والسعى لهدم المسجد الأقصى من جانب قوات الاحتلال الصهيونى، لن يغفرها التاريخ للأمة العربية المتفرجة على هذا الواقع المؤلم الذى يعصر القلوب حزنًا وآسى.
على كل حال، باقة ورد وبطاقة محبة إلى الزميل العزيز أبوزيد على هذا المرجع الذى رصد فيه الواقع المرير الذى تتعرض له القدس العربية.