تتردد مقولة "فيها لأخفيها" بين البعض حينما يريد أحدهم أن يقحم نفسه –عنوة-في أي مكسب أو غنيمة وهو في الحقيقة ليس له نصيب فيها، والذي نحن بصدد التحدث عنه، ليس بعيد المفهوم عن ذلك وهو محاكاة لتلك المقولة لكنها تأخذ الشكل الرسمي في الأوراق الحكومية، وهو ما يتم خلال إقحام بعض الأسماء خاصة الذين تعتبر إمضاءاتهم هي الأساس والأهم في أي كشوف مكافآت أو حوافز مستحقة للبعض عن قيامهم ببعض المهام، وتلك الثقافة أصبحت إسلوب متبعة بصورة شبه عادية في بعض المؤسسات الحكومية، ويحدث ذلك وإلا توقفت الحوافز أو المكافآت أو ألغيت بقدرة قادر من بنود الصرف، فمثلاً عندما يذهب بعض الموظفين بإحدي المؤسسات في أحد المأموريات كأن يسافروا لإحدي المحافظات من أجل تعداد ما أو القيام بعمل إحصائيات لبعض الأمور، تندهش عندما تري كشوف البدلات والمكافآت، لأنك سوف تقرأ أسماء بعض موظفي الإدارة والجالسين دائماً علي المكاتب ولم يبرحوا أماكنهم أو يبذلوا أدني مجهود في تلك المأمورية، لكن إمضاءاتهم –والتي هي من صميم وواجبات عملهم-فقط لازمة لتمرير كشوف صرف البدلات، ومن ثم يكون لهم الحق في إضافة أسمائهم في كشوف الصرف، وهذا أحد ألوان الفساد المستشري في بعض مؤسساتنا، وكل ذلك علي حساب نهب وتخريب المال العام، لكن تحت قناع تستيف الأوراق والكشوف بصورة لا تخر الماء. العجيب أن المراجعيين علي صحة وسلامة تلك الأوراق في الغالب يعرفون تلك الألاعيب والحيل العجيبة، لكنهم هم أيضاً يمررون ذلك غالباً بالإتفاق، وتبادل المصالح، لتكتمل في النهاية دائرة الفساد التي تنخر في أساس المجتمع. وللأمانة ذلك الأسلوب الغريب من الفساد الذي يتم في مؤسساتنا ليس حديثاً وإنما يتم منذ أيام مبارك، منذ سنين سمعت أحد الموظفين الكبار بالإدارة الرئيسية لأحد المؤسسات والتي من واجبها المحافظة علي المباديء والقيم الدينية التي تحارب الفساد وتحض علي الفضيلة ومكارم الأخلاق، أن المؤسسة أرسلت محاضرين للقيام بسلسة محاضرات بأحدي المحافظات البعيدة، فكانت الكشوف التي يتم صرف البدلات والمكافآت تتقدمها أسماء مسئولين كبار بتلك المؤسسة، قد لا يعلمون عن تلك المأمورية أو حتي موضوع المحاضرات، ولم يحركوا من مكاتبهم، لكن مرازهم هي التي جعلت أسماءهم في أول كشوف الصرف، وإذا حدث وإعترض معترض، فعليه ان يتحمل تبعات إعتراضه هذا، والتي لا يعلم مداها إلا الله.