الأخبار
اسامة عجاج
فواصل - عمرو موسي
أزمة الشخصيات الكاريزمية، أن المشاعر تجاهها واحد من اثنين، إما الحب المطلق، أو الكراهية الشديدة، لاثالث لهما. ومن أبرز تلك الشخصيات،وفي مقدمتهم السيد عمرو موسي، وهو ماظهر واضحا طوال وجوده في المشهد الدبلوماسي والسياسي المصري، وزيرا للخارجية وأمينا عاما للجامعة العربية،ومرشحا للرئاسة عام ٢٠١٢ وفي لجنة وضع دستور ٢٠١٤،فهناك »دراويش»‬ عمرو موسي، وهناك قطاع لايجد نقيصة إلا وألصقها بالرجل، رغم انه في نهاية الامر سياسي ودبلوماسي، يصيب ويخطئ، وقد تكرر مشهد المشاعر المتناقضة بصورة واضحة تجاه الرجل، بعد أن أصدر مذكراته تحت عنوان »‬كتابيه».
وأزعم أنني اقتربت من الرجل منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما كان مديرا لادارة الهيئات الدولية، واقتربت أكثر عندما أصبح وزيرا للخارجية، وأصبح الرجل في دائرة اختصاصات عندما تولي أمانة الجامعة العربية طوال أكثر من عشر سنوات، حيث سافرت معه وغطيت عشرات المؤتمرات والمناسبات، التي شارك فيها بحكم المنصب.
وفي كل تلك السنوات لم أكن من »‬دراويش» عمرو موسي، وبالطبع لم أكن في الجهة الأخري، بل تعاملت معه علي أنه أحد رموز المدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة، وأحد نجبائها، لايقبل الفشل، مدمن نجاح، ولكن هالني حجم الهجوم الذي تعرض له، فقط لأنه قال كلاما لم يعجب المنتمين لهذا التيار، أو المتيمين بهذه الشخصية القيادية أو تلك، دون إدراك لحقيقة مهمة أن عمرو موسي أصدر مذاكراته الخاصة، ولم يدع انه يكتب تاريخا، الذي يتشكل عبر طرق عديدة ومنها الوثائق
وتراكم المذاكرات وشهادات القائمين علي تلك الفترة، مع توافر حياد قد لايتوافر في الفترات الحالية، وأولها أن الذين هاجموه عن الفترة التي عمل فيها أمينا عاما للجامعة العربية، لايدركون بصورة صحيحة آليات اتخاذ القرار في الأمانة العامة للجامعة، حيث يتولي الأمين مسئولية تنفيذ قرارات الوزراء والقادة التي يتم اتخاذها، بعد مناقشات ومداولات طويلة ومحاولات توفيق بين توجهات وآراء ومواقف مختلفة، مع توافر هامش للحركة امام اي امين عام، يتسع ويضيق وفقا لطبيعة القضية، وقدرات الأمين العام، وقد كنت شاهدا علي أحداث تؤكد أن عمرو موسي مارس مهامه كأمين للجامعة علي أفضل مايكون، فقد مارس دور »‬المبادر» عندما قام في عام ٢٠٠٩ و٢٠١٠ بالعمل علي إقناع الدول العربية، بالسعي إلي تشكيل إطار تنظيمي لدول الجوار الجغرافي، ليضم كلا من ايران وتركيا واثيوبيا ودول أخري، وبالطبع لم يكن من بينها اسرائيل، حيث كان علي موعد لعرض مشروعه علي قمة سرت في ليبيا، وفي جلسة علنية - علي غير العادة - بدأت المناقشات حول المشروع، فواجهه رفض من قادة عرب ومنهم حسني مبارك، وبصورة غير لائقة أحيانا، ومات المشروع في المهد، وكان كفيلا لو نجح، وفق تصور عمرو موسي يومها، في منع كثير من التوترات والأزمات بين الدول العربية ودول الجوار، خاصة الثلاثة الكبار ايران وتركيا واثيوبيا، اذا كان قرار الرفض تعبيرا عن إرادة سياسية من القادة العرب، ومن قبلهم مستوي وزراء الخارجية.
وبنفس القياس لايمكن تحميل عمرو موسي تهمة أنه من استدعي قوات الناتو للتدخل في ليبيا، او بدء الازمة السورية، فهذا تهمة ظالمة تفتقد إلي الواقع، فقد كان موقف موسي تعبيرا عن توجه عربي، بعيدا عن تصويرالامر كما لو كانت الدول العربية ووزراء خارجيتها مسلوبي الإرادة، انصاعوا إلي رغبة موسي الشخصية، وهو هنا يمارس دور »‬المنفذ» لسياسات، وحقيقة الامر أن الأشهر الاخيرة من وجود عمرو موسي علي رأس الأمانة العامة، أو تحديدا منذ ديسمبر ٢٠١٠ مع بوادر ثورة الياسمين في تونس،وانتقال قطار الربيع العربي إلي مصر ثم اليمن وليبيا، قبل أن يتوقف للأبد في سوريا، تحولت الجامعة قولا واحدا إلي جامعة شعوب، وتراجعت فكرة انها تعبير عن أنظمة، لأن الانظمة في نهاية الامر تركت قيادة أمرها للشارع،الذي كانت تجتاحه مشاعر التغيير بكل الوسائل، التي اختلفت من تجربة إلي أخري، فالامر في مصر اختلف عنه في اليمن عن تونس، وسمحت في تجربة ليبيا وحتي سوريا بالتدخل الخارجي، عن طريق الناتو في ليبيا، مع إجهاض الدور العربي مع بدايات الأزمة السورية، اذا من يتحمل مسئولية التدخل الدولي في ليبيا كل الدول العربية، وليس عمرو موسي، والحساب هنا يجب أن يشمل كل القائمين علي ادارة الأمور عربيا، في ذلك الوقت وفي مقدمتهم الانظمة في ليبيا وسوريا.
عمرو موسي قدم شهادته،وعلي من يملك معلومات موثقة مخالفة، أن يتقدم بها، بعيدا عن التجريح وإطلاق الاتهامات، »‬والفجر» في الخلاف، واللدد في الخصومة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف