الأخبار
محمد درويش
نقطة في بحر - منتصر والأستاذ و٥ يونيو
مرت هذا العام الذكري الخمسون لنكسة يونيو ١٩٦٧، وهي نكسة كما يحب ان يطلق عليها المحبون لعبد الناصر أو هزيمة كما يطيب لكارهيه ان يسموها.
اختلفنا أم اتفقنا مع هؤلاء أو أولئك يبقي من حقنا كجيل كانت صدمته تفوق الخيال ازاء أحداث يونيو، ومن حق كل الاجيال التالية وتلك التي ستتلو في مصر إلي قيام الساعة أن تجد من ينير لها الطريق سواء من الذين كانوا بيدهم القرار أو شاركوا في صنعه أو الجهات التي لديها خزائن الاسرار من وثائق مكتوبة او مسجلة أن يزال عنها الشمع الاحمر باختامه وأن نعمل علي أن يخرج كل ما يتعلق بهذه الاحداث ولا ندع شاردة أو واردة إلا بوضعها أمام لجنة من المؤرخين المحايدين الذين يجب ان توكل اليهم مهمة كتابة تاريخ هذه الفترة وأن يقسموا أنهم لن يبتغوا من وراء عملهم إلا وجه الله ومصلحة الوطن.
ليس في صالح المصريين أن يظل الكتمان محيطاً بهذه الحقبة من تاريخنا، لن يكون من وراء ذلك إلا ترك الحبل علي الغارب لاصحاب المذكرات والكتب أو الذكريات التي تأتي علي لسان طرف واحد، من الصعب أن نطالب، بالتجرد والحياد وهو من كان موجودا في الصورة أيا كان موقعه منها.
وحسنا فعل عمنا »صلاح منتصر« الذي بدأ في فتح هذا الملف منذ أكثر من شهر ممهداً بالظروف التي أدت الي يونيو ١٩٦٧ وبدأ الحديث عن الخامس من يونيو في أهرام الأربعاء الماضي، وحكي كيف أن الاستاذ - يقصد هيكل - طلب من سكرتيرته، إغلاق غرفة وكالات الانباء وبها خمس وكالات إحداها محلية وأن تفتحها كل ساعة تجمع ما جد من برقيات وتسلمها للاستاذ بعيدا عن عمنا صلاح منتصر المسئول عن إصدار أهرام السادس من يونيو.
وربما هي المرة الاولي التي تكون فيها أرقام عدد الطائرات التي اسقطتها مصر في الطبعة الثانية مختلفة عنها في الطبعة الأولي كما أشار الاستاذ صلاح منتصر حيث ارسل له عنوانا يشمل سقوط ١١٥ طائرة وعندما أبدي اعتراضه مشيراً إلي أن مصر تؤكد أنها ٨٩ رد عليه بأنه علي الليل مع الطبعة الثانية حيكونوا ١١٥ طائرة!
لم يرضخ صلاح منتصر وقام بتغيير العنوان الذي وضعه هيكل وجعله في الطبعة الثانية ٨٩ طائرة فقط.
لا جدال في أننا نصدق الاستاذ صلاح والدليل ارشيف الاهرام في طبعتيه الأولي والثانية يوم السادس من يونيه.
ولكن يثور تساؤل ملح علي أبناء جيلي الذين تجرعوا مرارة الصدمة، هل ما يفعله استاذنا صلاح منتصر هو انتهاز لفرصة مرور الخمسين عاماً علي الخامس من يونيو ولم يعد هناك ما يمنع من فتح خزائن الأسرار رغم عدم وجود قانون يبيح ذلك، أم أنه هم وعبء حمله الاستاذ منتصر علي كاهله طوال خمسين عاماً وجاءت الفرصة ليتخلص منه حتي تهدأ سريرته ويرفع عن كاهله ذلك العبء.
عموماً ما فعله هو بداية الخيط التي ندعو أن تفك البكرة المتشابكة كلها أمام أعيننا.
هذا هو الأجدي والأهم من أجل مصر والمصريين.. أهم كثيراً من الحديث عن الطعام السويسري الذي كان يطلبه ناصر وأهم أيضاً مما لا يصدقه عقل من أنه تعرض للموت البطئ بواسطة المدلك الذي كان يستخدم «كريم مسمم»، وأهم من أن المشير عامر حقق رغبة إبنته فأنار لها كل أشجار مصر الجديدة ليلة حفل زفافها.
دعونا في المفيد.. «ربنا يخليكو».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف