من الأقوال الخاطئة الرائجة هذه الأيام، التى تجد لها بالإلحاح مساحات فى الصحف والفضائيات والإنترنت، أن مصر عجزت عن الوصول إلى ما حققته سوريا والعراق ضد تنظيم داعش وشركاه! ولكن الحقيقة، ومع كل التقدير للإنجازات العظيمة للجيشين السورى والعراقى وحلفائهما، فإنه، وللأسف، لا يزال أمام الدولتين مشوار حتى تقتربا من بعض ما تمكنت مصر من إنجازه على هذا المضمار الذى تُثبت مجريات الأحداث أنه أطول مما كان يُظنّ، لأن العون الذى يتلقاه الإرهابيون من قوى خارجية غير مسبوق!
أقصى ما يمكن أن تحققه الدولتان الشقيقتان فى هذه المرحلة هو إزاحة الإرهابيين من الوجود الرسمى الوهمى الذى عاشوا به تحت لواء ما أطلقوا عليه اسم الدولة الإسلامية، وهو الاسم الذى اعتمدته قناة الجزيرة ولا تزال! وتقول الأخبار إن معظم الإرهابيين يختفون عن المشهد ولا يتبقى منهم إلا أعداد قليلة تخوض معركة الساعات الأخيرة فى كل موقع. والمُرَجَّح أن الفارّين يعدّون العدّة لمرحلة قادمة ينزلون فيها تحت الأرض، ليبدأوا إرهاباً آخر سبقهم به قرناؤهم فى مصر منذ سنوات. ولكن الجيش المصرى نجح فى حصارهم فى دائرة محددة شمالى سيناء لا تفلت منها إلا عمليات متناثرة من آن لآخر!
وفى الوقت الذى لا تزال كل من سوريا والعراق تلمّ أشلاء الجيوش الوطنية المبعثرة التى تلقت ضربات فوق ضربات، فإن مصر نجحت فى الحفاظ على جيشها سليماً ثم الدخول به بمنتهى الجدية فى عمليات تطوير وتحديث، ورفع مستويات المهارات القتالية، والحرص على الروح المعنوية، وهو ما يتجلَّى فى الجنازات المهيبة فى توديع الشهداء، سواء عسكرياً فى حضور القادة أو شعبياً فى قرى الصعيد والدلتا حيث يزف الأهل والجيران شهداءهم بالزغاريد. وأما الجرحى فى المستشفيات فلا يبدو عليهم الانكسار بل روح المقاومة والرغبة فى العودة سريعا إلى الميدان.
لا يمكن أن يُؤخّذ هذا الكلام معايرة للأشقاء فى سوريا والعراق الذين يخوضون معارك المصير بشجاعة تاريخية، وإنما ردًّ على من ينتقص من إنجازات مصر وكأن تضحياتها ذهبت هدراً.