د . نادر رياض
مصر الغد - في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي
علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يحضرني ما يسمي في علم الرياضيات بالمعادلة الرياضية البسيطة من الدرجة الأولي وتنسحب هذه التسمية علي المعادلة إذا كان عدد المجاهيل فيها »واحداً» بغض النظر عن عدد المعطيات والثوابت فيها،مثال ذلك مساحة المستطيل وأحد أضلاعه معطيات والمجهول تحديد الضلع الآخر للمستطيل.وتزداد المعادلات تعقيداً صعوداً من المعادلة من الطبقة الثانية ثم الثالثة وصولاً للمعادلات التفاضلية المعقدة.
وفي حالتنا هذه كم كان الرئيس السيسي رائعاً في خطابه الموجه للعالم شرقه وغربه من فوق منبر الأمم المتحدة في عمومه ثم الانتقال للتنويه للمشكلة الفلسطينية.
ما يعنيني في هذا المقام إنما التوجه الذي أورده الرئيس موجهاً حديثه للشعب الإسرائيلي في المقام الأول، إذ وضع معادلته البسيطة من الدرجة الأولي في سياق حدده بكلمات قليلة واضحة، إذ قال »أن أمن المواطن الإسرائيلي يرتبط ارتباطاً مباشراً بأمن المواطن الفلسطيني» انتهت المعادلة... وبقدر بساطتها إلا أنها جاءت كاشفة للكثير من التعقيدات والغوامض التي طالما غرق في بحرها المفاوضون والوسطاء وطلاب المفاوضات والتسوية الذين غرقوا أو أغرقوا في بحر المتناقضات ومنها العنف والعنف المضاد وأصابع الاتهام من كل طرف للآخر.
كشفت هذه المعادلة السهلة للبسطاء من الشعب الإسرائيلي قبل المتعلمين منهم كيف أن أمن الأفراد وسلام المجتمع لا يتثبت إلا متي ائتمنت جاري علي نفسي وأسرتي مقابل الائتمان لجاري علي نفسه وأسرته.
الرسالة واضحة وأعترف أنها صافحت مسامعي لأول مرة لترسي مبدأً راسخاً قديما قدم الزمان وإن كان البعض قد تناساه أو شغل عنه من أن ما لا تستطيع الحروب أن تحققه بأدواتها فإن السلام يستطيع أن يؤتي به وبأفضل منه بتكلفة أقل بمقياس الدمار وإراقة الدماء وإهدار القيم الإنسانية.
وكلنا يذكر كيف أن الرئيس بوش الابن قبل حربه علي العراق أنه استن قانوناً جديداً لم يكن موجوداً من قبل يحصن الجنود الأمريكيين التابعين للجيش والقوات المتحالفة معه من الملاحقة القانونية عن جرائم الحرب التي قد تصدر عنهم وأتباعهم - فكان جوانتانامو وغيره العشرات.
وقد جاء رد فعل هذه الكلمات القليلة في منطوقها العظيمة في مدلولها من هدير للصحافة الإسرائيلية ترحيباً بهذه الكلمات، فاهتزت بها صحفها شرحاً وتفسيراً للحكمة وراء هذه الكلمات من معان ظاهرة ونتائج مرتقبة تمس جميعها شغاف قلوب الإسرائيليين بمختلف توجهاتهم في تحقيق الحلم الدائم بحيث لم يعد للصقور الإسرائيلية ما كانت لهم من قبل من سطوة طالما دقت طبول التفوق العسكري وفرض الأمر الواقع بالقوة، إذ إن ذلك لن يؤتي بسلام مستقر يطمئن فيه الشعب الإسرائيلي علي نفسه وأطفاله بصورة دائمة وممتدة.
وفي مجال البحث عن نقطة بداية يأتي بها الفكر الاستراتيجي المحلق عالياً ومسقط تلك النقطة علي أرض الواقع، فقد يزكي البعض بديلاً عن الحشد وراء معارضة القرار الأمريكي المرجأ تنفيذه من إقامة سفارة أمريكية بمدينة القدس » الغربية » أن نحشد الحشود وراء مطلب أن يتوازي ذلك ويتزامن معه إقامة سفارة أمريكية بالقدس الشرقية لتتعامل مع دولة فلسطين إرساء لحل الدولتين ونفياً لمغبة ازدواجية المعايير والتي نرجو للحكومة الأمريكية أن تثبت عكسها وليكن ذلك الآن وليس غداً.