الوفد
عباس الطرابيلى
الأكراد.. وعلم إسرائيل!
صدمتنى وأزعجتنى صورة متظاهرين أكراد، فى عاصمتهم، أربيل، وهم يحملون أعلام إسرائيل.. وسط أعلام دولتهم التى يحلمون بها.. فهل هناك يا ترى صلات عميقة بين الأكراد.. وإسرائيل؟. وإذا كانت هناك اتصالات سياسية تجرى بين القادة الداعين لانفصال الأكراد وإسرائيل.. فإننى أعتقد أن معظم أبناء «العرق» الكردى يرفضون أى أصابع إسرائيلية أو صهيونية يمكن أن تلعب أو يكون لها دورها فى تحقيق حلم الأكراد، وذلك إذا كان «بعض الساسة العرب» يمدون أيديهم لإسرائيل، إلا أن الشعوب العربية عامة ترفض أن تمد يدها لإسرائيل، تضامناً مع الشعب الفلسطينى.. وإذا كانت بعض الشعوب العربية تحرق العلم الإسرائيلى علناً فى بعض الشوارع العربية، فإن مشهد العلم الإسرائيلى وسط شوارع أربيل أزعج كل هؤلاء العرب..
<< خصوصاً أن الأكراد كانت لهم مواقفهم الرائعة المؤيدة للعرب فى كل قضاياهم القومية.. بل وجدنا بين الأكراد، وعلى مدى تاريخ النضال فى المنطقة، أبطالاً وقامات كردية عظيمة تقف فى صف واحد مع الشعوب العربية.. وليس فقط صلاح الدين الأيوبى هو أبرز هؤلاء الأكراد الذين دعموا الحقوق العربية- الإسلامية.. ولكن هناك أكراداً آخرين وعديدين كانوا خير عون للنضال العربى.. عسكرياً وسياسياً.. وأدبياً وعلمياً، بل دينياً.. حتى إن كان الدين الإسلامى هو الذى حرك هذا القائد الكردى المولود من صلب قبيلة كردية هى «راوند» فى إقليم يا رفان الكردى.. وهل نحن بحاجة إلى تذكير كل المصريين بأن الكاتب العملاق عباس محمود العقاد جذوره كردية.. ولكننا يجب أن نفرق هنا بين القومية.. والهوية الدينية.. لأنه أيام صلاح الدين كانت الهوية الإسلامية هى الأساس.. حتى إن سبقت ظهور الهوية أو القومية العربية الحديثة.. وكذلك كان الوضع مع العملاق عباس العقاد الذى يصفه أكثرنا بأنه عملاق الأدب العربى والفكر العربى، رغم جذوره الكردية..
<< وإذا كانت أغلبية الأكراد وقفت مع النضال العربى حتى نتخلص من الاستبداد الغربى، أو الاستعمار الغربى قديماً وحديثاً.. إلا أننا نذكر هنا أن الملا مصطفى البارزانى أقوى شخصية كردية فى القرن العشرين اتصل بإسرائيل ليستقوى بها على أبناء بلده العراق.. فهل كان ذلك انطلاقاً من مبدأ وينستون تشرشل، الزعيم البريطانى الأشهر، الذى أعلن استعداده للتحالف مع الشيطان من أجل قضيته ضد «هتلر»!! ربما.
<< ودائماً العرب هم أبطال القضايا الخاسرة، فهم يرفضون من حيث المبدأ ويعترضون.. دون أن يأخذوا المبادرة فى أيديهم.. فتضيع أحلامهم، بل حقوقهم، وما قضية فلسطين إلا واحدة من هذه المأساة.. الذين رفضوا فكرة تقسيم فلسطين وحاربوها.. وها هم الآن «يلهثون» وراء شبح اسمه: الدولتان، أى واحدة يهودية وأخرى فلسطينية.. وهو نفس السلوك الذى أدى إلى انفصال جنوب السودان عن شماله!!
<< واليوم يتجه الشعب الكردى ليعلن رأيه.. هل يوافق على الاستقلال أم يستمر كما هو حالياً، بسبب الضغوط والمواقف الدولية والاقليمية.. ويقود تيار الاستقلال مسعود بارزانى وهو أحد أبناء الملا مصطفى البارزانى الشهيد.. أو أسد جبال كردستان الذى كاد يصبح رئيساً لأول دولة كردية فى عقد السبعينيات!!
وكل هذه التداعيات سببها «تعنت» ساسة العراق على مدى التاريخ.. واستمرار رفضهم فكرة الحكم الذاتى لإقليم كردستان.. ورغم توقعى أن تقول أغلبية أكراد العراق نعم لفكرة الاستقلال، فإن هذه مجرد بداية جديدة لصراع قديم استمر منذ عدة قرون.. ودائماً ما يخسر المتشددون!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف