الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
محمد العزبي وقلم 6/60
وقف طبيب العيون ومعه المؤشر الخشبي الطويل ليختبر مدي قوة ابصار المريض واشار له نحو دائرة ما أين فتحة الدائرة فوق تحت يمينا يسارا.. سأله المريض: أين الدائرة؟ فوق اللوحة البيضاء الكبيرة.. أين هذه اللوحة؟ معلقة علي الحائط.. أين هذا الحائط؟ الحائط الكبير الذي أمامك.. ليس أمامي أي حائط!!
علي ضوء وإلهام هذه النكتة القديمة جدا.. وبنفس خفة دمها.. كتب أحد عمالقة الصحافة المصرية الأخ الكبير محمد العزبي كتابه الجديد الذي انتهي منه هذا الأسبوع.. بأسلوبه الرشيق اللعوب الراقص الذي يعشقه القاريء ويحتضنه العقل والقلب في الفيتو ثانية.. هناك فرق كبير بين الصحفي.. الصحفي الحقيقي وبين الأديب.. أسلوب الأديب الرصين الثقيل ذو الكلام التخين مثل الأكلة الدسمة المليئة بالسمن البلدي فلا تستطيع أن تكمل الطبق رغم صندوق المياه الغازية بجوارك!!
الصحفي ممكن أن يتحول إلي أديب أو شبه أديب.. قرأ المنفلوطي ثم مر أمام سور الأزبكية.. ثم يكتب أمام اسمه كلمة "الأديب"!! تماما مثل الذين سافروا إلي ألمانيا والنمسا لمدة ثلاثة أو أربعة أيام ثم عادوا يكتبون أمام اسمائهم كلمة الدكتور وأحيانا حرف "د." دال بنقطة!! ذات مرة زمان.. أيام الرياضة عملها لاعب سابق وكان أحمد زكي معروضا له فيلم مشهور اسمه "البيه البواب" يومها اطلقنا علي اللاعب السابق لقب "البيه الدكتور"!!
الصحفي ممكن ان يتحول إلي أديب ولكن الأديب لا يمكن أن يكون صحفيا بحق.. الصحفي له مواصفات خاصة وأسلوبه السهل الممتنع!!
***
خذ مثلا عنوان الكتاب.
عنوان الكتاب "صحفيون غلابة والكتابة بنظر 6/60".
حكاية 6/60 - ستة علي ستين معناها انه لا يري الحائط نفسه.. منتهي خفة الدم في الدنيا ومخاطبة الملايين.. الصحفي تعود ان يخاطب الملايين ولكن الأديب يخاطب عشرات في يوم يسمونه "يوم التوقيع" بدعة جديدة في عالم الأدب.
وبعد أن تنشر الصحف صور التوقيع وبجوارها بعض كلمات تحية ونفاق ربما يشتري الكتاب مائة أو مائتان!! ثم تحمل الرفوف الباقي!!
أما الكتب الصحفية فتتنافس الصحف والمجلات خصوصا الحصول علي حق نشرها علي مدي طويل ربما يصل إلي العام.. في ثلاث كتب رياضية تم نشرها حلقات في أكثر من مجلة.. خاصة كتاب "الكورة والسياسة" الذي صادره أنور السادات شخصيا وحصلت علي حكم بتوزيعه بعد طبعه أكثر من مرة!!
***
والكتاب الجديد بما فيه من وقائع واحداث واخبار لم تنشر.. كتاب فعلا يستحق ان يقرأه الملايين بأسلوب كاتبه الساحر وعينه الثاقبة خلال رحلة صحفية طويلة بدأت عام 1951 وبقلم رصد بذكاء وسخرية ودم خفيف رصد أسرار وكواليس المهنة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف