نعتقد أن قضية بيع بعض نواب البرلمان لتأشيرات الحج سوف تكشف لنا عن فساد حكومى وسياسى لا حد له، حتى الأمس كنت أظن أن القضية تتوقف على بعض النواب، لكن بعد أن قرأت التقرير الذى نشره الزميل محمد عبدالقادر أمس فى المصرى اليوم، اتضح أن القضية أكبر بكثير مما نتصور، إذ كشفت المستندات التى اعتمد عليها الزميل أن الحكومة، وهو ما لم يقله الزميل، هى التى تفسد بعض النواب، هى التى تسهل لهم التربح والتكسب، هى التى تسهل لهم الاتجار فيما يخص المواطن البسيط.
كنت أعتقد حتى أمس أن تأشيرات الحج التى تاجر فيها بعض النواب، حصل عليها البرلمان من السفارة السعودية خدمة ومجاملة للأعضاء، مثلما يتبع فى العديد من المؤسسات، لكن الواقع أكد غير ذلك، اتضح أن النواب حصلوا على تأشيرات أخرى بموافقة مجلس الوزراء، وتأشيرات خاصة بوزارتى السياحة والداخلية، أو حسب المنشور فى التقرير: تأشيرات خصصها مجلس الوزراء لبعض المواطنين، وأخرى مخصصة لوزارتى الداخلية والسياحة.
فقد باع أحد النواب للشركة 32 تأشيرة، بمبلغ 62 ألف جنيه للواحدة، وباعت نائبة 17 تأشيرة مقابل 57 ألف جنيه، وباعت نائبة للشركة تأشيرات بمبلغ 2 مليون و780 ألف جنيه، وجميعها صادرة بخطاب تخصيص من مجلس الوزراء موجها إلى البرلمان، منها تأشيرات، حسب التقرير، تتبع وزارة السياحة، وأخرى وزارة الداخلية، وثالثة صادرة من مجلس الوزراء.
الطريف أن الزميل كشف فى تقريره، من واقع المستندات التى بين يديه، عن رقم حساب احدى النائبات، وذكر تواريخ إيداع المبالغ التى حصلت عليها بالبنك، ليس هذا فقط بل كشف عن قيمة الودائع التى عملتها النائبة بعد تلقيها المبالغ.
هذه القضية تحتاج إلى تفسير وشرح مفصل من رئيسي الحكومة والبرلمان، يجب ان نعرف: ما هو عدد التأشيرات التى توزع مجاملة على البرلمانيين والسياسيين والمسئولين؟، وهل هى تصل البرلمان مباشرة من السفارة السعودية أم ترسلها السفارة إلى مجلس الوزراء ويقوم هو بتوزيعها على البرلمان والمؤسسات؟.
نحن لا نوجه اتهامات لأحد، فقط نريد أن نفهم ونعرف: ما هى حكاية هذه التأشيرات؟، وهل يتم استقطاعها من التأشيرات الخاصة بالمواطنين البسطاء من حج القرعة والجمعيات والنقابات؟، وهل أعضاء البرلمان حصلوا على تأشيرات من البرلمان وأخرى من مجلس الوزراء وثالثة من وزارتى الداخلية والسياحة؟، ولماذا تم منحهم هذه التأشيرات؟، وما هو المقابل؟، هل لكى يتغاضوا عن مخالفات وأخطاء الحكومة؟، هل حصلوا على التأشيرات بعلم رئيس الحكومة والوزراء أم هناك من سهل لهم الحصول عليها؟.