الوفد
عباس الطرابيلى
تداعيات الأكراد.. تدمر المنطقة
بعد أن أعلن الأكراد رأيهم، يأتي السؤال: وماذا بعد؟ محلياً وإقليمياً وعالمياً.. وماذا عن مستقبل كردستان نفسها، بل وكل العراق بعد ذلك.. محلياً: هل العراق مستعد عسكرياً. ومالياً، وبشرياً لكي يدخل في حرب مباشرة ضد الأكراد.. خصوصاً وأن انهيار العراق عسكرياً بدأ بعد حرب شرسة مع ايران لمدة 8 سنوات. ثم مأساة غزوه للكويت ثم الضربة الأكبر عنفاً عام 2003 إلى سقوط صدام حسين.. وهل يستطيع «العراق» ولاحظوا معني الكلمة.. أي التعدد العرقي والديني والمذهبي وأيضاً بعد المعارك العنيفة مع داعش.. ثم فقدان العراق لأكثر من نصف بتروله، الذي يقع داخل إقليم كردستان..
وإقليمياً: هل تسمح تركيا بذلك ـ ولها حدودها المشتركة مع شمال العراق وبها أكثر نسبة من الأكراد يعيشون داخل شرق وجنوب شرق تركيا نفسها بل إن عددهم داخل تركيا ضعف عددهم داخل العراق..
وهل تسمح ايران بذلك وفيها من الأكراد أكثر مما في داخل العراق منهم أيضاً. ذلك أن تركيا وايران تخشي كل واحدة من امتداد فكرة الاستقلال الي الأكراد في ايران وتركيا.. فضلاً عن وجود أكراد أيضاً في أقصي شمال شرق سوريا. وبالتالي فإن قيام دولة مستقلة للأكراد في العراق الآن سوف يشجع الأكراد في تركيا وايران وسوريا علي التحرك علي أمل إما الاستقلال لهم أيضاً.. أو الانضمام الى دولة أكراد العراق وهذا يعني أن المنطقة كلها أصبحت علي فوهة بركان شديد الانفجار.. وأن هذا الاستفتاء هو بداية الانفجار. وبالطبع ستتحول المنطقة كلها إلى بؤرة صراع اقليمي، سرعان ما تتحول إلى أزمة عالمية وليست اقليمية.
<< وإذا كان عدد الأكراد في هذه المناطق يدور الآن حول 25 مليون شخص فهي إذن مؤهلة سكانياً لتصبح دولة كبيرة بالمقارنة مع عدد سكان دول عديدة في المنطقة، وفي خارجها. ولكن ما مدى تأثير ذلك على تلك الدول التي يتواجد فيها الأكراد.. خصوصاً و أن الأكراد يمثلون سكانياً حوالي ربع عدد سكان كل العراق.. رغم غياب أي أرقام دقيقة لعددهم ليس فقط بسبب الطبيعة الجبلية لمناطق تواجدهم، ولكن بسبب غياب أي إحصاء حقيقي بالذات في شمال العراق وجنوب شرق تركيا والمنطقة الغربية الشمالية من ايران.
<< بل إن الخطر الحقيقي القادم هو الخلاف حول منطقتين: الأولى كركوك وهي أهم مناطق البترول العراقي، في الشمال.. وفيها نسبة كبيرة من غير الأكراد مثل التركمان والشركس والعرب وغيرهم.. ولا يمكن أن تتخلى عنها وعنهم بغداد.. والمنطقة الثانية هي الموصل.. ونسبة سكانها غير الأكراد أكبر من الأكراد.. ولتركيا في الموصل أطماع تاريخية.. وهما بؤرتان من المؤكد أن تشتعلا وبذلك لم يعد العراق معرضاً فقط للتقسيم الديني: سُنة وشيعة.. بل عرقاً وربما جاء اسم العراق، من تعدد أعراق وأصول من يسكنها..
<< وبالطبع هناك قوى تسعي الى ازدياد لهيب المعركة.. في مقدمتها اسرائيل. إذ لا يخفى عليكم أن الجيش العراقي ـ بكل امكاناته التاريخية ـ كان يقلق اسرائيل.. وايجاد مشكلة الأكراد ثم اشتعالها يؤدي الي القضاء علي ما بقي من قوة لدى هذا الجيش.. تماما كما لتحطم الجيش السوري من اعطاء بعض الطمأنينة لإسرائيل من الاستراحة لمدة طويلة من القلق الذي كان يأتيها من دمشق ومن بغداد معاً..
<< وتبقى أطماع الدول المصدرة للسلاح. لكي تمتص ما بقي لدى العراق من عائدات البترول وبالطبع سوف تندفع باقي دول المنطقة في شراء وتخزين السلاح.. تحسباً.
حقاً تخرج المنطقة من حفرة.. لتقع في خندق رهيب وليس مجرد دحديرة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف