المصريون
حاتم إبراهيم سلامة
جريمة في بيوتكم‎
ما زلت أكرر وأعيد أن البيت الذي يخلو من المكتبة إنما يخلو من سر سعادته ، والبيت الذي لا يعرف المكتبة يجهل أسباب النجاح في الحياة والتفوق في مسيرة الانسان التي تدار بالعقل والفهم ..لأن المكتبة غذاء العقل تماما كما يعلم الجسد أن غذاءه في المطبخ ..والذين يهتمون بأثاث السفرة والمطبخ.. كأنهم يقولون للعالم من حولهم :نحن لا نؤمن بالعقل ولا نعترف بقيمته !
في الكتب سعادة كبيرة أو ملاذًا كبيرًا في أوقات الضيق واليأس والوحدة ..والذين لم يتدربوا من صغرهم على صحبة الكتب يقعون فريسة سهلة لكل هذه العوارض المزعجة الممرضة، التي لا تسلم منها حياة إنسان.. وأنا أعلم وأنت.. أنك وأنت تقرأ هذا الكلام تدرك في أعماق نفسيك كم فرطنا كثيرا في حق هذه الضرورة الحياتية ..بل يشعر كل منا مع هذه السطور ..أن هناك واجب مقدس أهملناه وفرطنا فيه ..! بل يقر القارئ لكلامي بأننا ربما نعيش في عالم آخر غابت عنه كثير من أسرار الحياة الحقيقية التي تليق بالإنسان وعقله ووعيه ومكانته..!
ألا إن الشعوب التي تهجر القراءة تقف أمام الشعوب التي لا تقرأ كما يقف أمامنا من يعيشون في الأدغال ..انظر كم نسبقهم بمراحل.. لتعلم أنه وبصورة موازية تسبقنا تلك الشعوب التي تقرأ..!
ومع ما نعيشه من محنة التأخر والتراجع التي أصيبت لها أوطاننا نقول : إن الإجرام الحقيقي والكبير في حق الأبناء ..حينما يكبرون أمام عينيك فتقدم لهم كل وسائل العيش وسبل القوت.. ولا تقدم لهم المكتبة والكتاب، أو تعلمهم كيف يقرؤون؟
على كل منا أن يسارع لتصحيح هذا الوضع السيءالخطير في بيته ويعالج هذا الخلل التربوي أو الجريمة الكبيرة.. وأن يصحح مسار أبنائه ويبادر لأقرب نجار ليشيد له مكتبة ولو من رفين صغيرين تعلق على الحائط فيرص عليهما بعض الكتب وهو موقن تمام اليقين أن اليوم الذي تمتد فيه يد أبنائه لهذه الكتب.. فإنه اليوم الذي بدؤوا يعرفون فيه طريق السعادة الحقيقة ..ويخطون طريقهم نحو مستقبل مشرق بالوعي والثقافة والمعرفة ..


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف