الأهرام
محمد شعير
ماذا يحدث فى بورسعيد؟!
بورسعيد.. أرض الجمال الساحر.. والهدوء الصاخب.. لى فيها موطئ قدم سابق.. وذكرى صبا وعبور.. مررتُ من هناك.. ومهما غبتُ عنها.. تظل هى فى قلبى بورسعيد.. مدينة لها طعم وروح ورائحة.. الأحلام والأحزان معا تسكن أرضها.. ولكن لا بأس.. فهناك أيضا ملح الأرض.. المقاومون بالحياة.. مصريون أصليون.. هم أبناؤها.. ولأجل كل ما سبق فإننى أتساءل اليوم بقلق.. ماذا يحدث فى بورسعيد؟!.

الأنباء الواردة من هناك فى المجمل غير مريحة.. أبدأ هنا بما ورد لى مدعوما بمستندات.. منتظرا - بل طالبا ومرحبا ــ أن يرد أحد.. أو حتى أن يتدخل للحل على الأرض دون رد.. ووقتها سوف نعيد الكتابة هنا شاكرين مهللين.. لكن ما ورد إلينا أيضا ليس هو الأمر الوحيد.. فالشارع البورسعيدى كما تابعنا يعجُّ بتساؤلات أخرى وغضب.. وهو ما سنعرّج عليه أيضا هنا.. ربما يقرأ أحد!.

أرسل لى المحامى هيثم وجيه تقريرا تفصيليا عن مشكلة 14 ألفا و 691 مواطنا تقدموا للحجز فى مشروع الإسكان التعاونى للشباب الذى أعلنت عنه محافظة بورسعيد فى شهر فبراير 2013، ورغم مرور أكثر من 4 سنوات، فإنهم لم يتسلموا وحداتهم السكنية حتى الآن.. وليست تلك وحدها هى القضية!.

كيف؟.. تم تحصيل 146 مليونا و910 آلاف جنيه من المواطنين، بواقع 10 آلاف جنيه من كل منهم كمقدم للحجز.. ليس فى ذلك شىء.. ولكن تذكر أن التعاقد وتحصيل هذه الأموال تم فى شهر فبراير 2013.. وهنا تظهر المشكلة.. عندما نعرف أن توقيع عقد إنشاء المشروع أصلا بين محافظة بورسعيد وهيئة تعاونيات البناء والإسكان لم يتم إلا فى شهر يناير 2014، أى بعد تحصيل أموال المواطنين بعشرة أشهر.. ما الذى يعنيه هذا؟.. وما الذى تعاقدت عليه المحافظة إذن فى فبراير 2013 مع المواطنين إذ لم يكن هناك مشروع أصلا فى ذلك التوقيت؟.. وأين ذهبت أموال الناس وعوائدها على مدى هذه الأشهر؟.. ولكن.. ليست تلك هى القضية وحدها أيضا!.

توالت المخالفات بعد ذلك، كما يقول المحامى هيثم وجيه، فى رسالته لى المدعومة بالمستندات، على النحو التالي: أولا: تأخرت المحافظة فى تسليم الأراضى المخصصة للمشروع إلى هيئة تعاونيات البناء والإسكان، مما تسبب فى تأخر تنفيذ المشروع، وتحججت المحافظة بعدم خلو أراضى المشروع، بالمخالفة لإقرارها السابق فى العقد بخلوها.. وثانيا: تم الاحتفاظ بأموال الشباب لمدة تجاوزت 4 سنوات، فأين ذهبت أرباح هذه الأموال وثالثا: عدم تحديد موعد رسمى ونهائى لتسليم الوحدات للمستحقين.

أما كبرى المفاجآت، فقد جاءت عندما أعلنت هيئة تعاونيات البناء والإسكان فى 18 أغسطس الماضى طرح كراسات شروط جديدة للمشروع، فاضطر المواطنون الحاجزون أصلا فيه إلى شرائها بمائة جنيه للكراسة.. وهنا وقعت عليهم الصاعقة، حيث تبين أنها مختلفة تماما عن كراسة الشروط الأولى عند طرح المشروع فى 2013، وأنه تم تعديل شروط التعاقد دون احترام العقد السابق، وتم طرح الوحدات السكنية بمساحات وأسعار جديدة!.

أين يمكن أن يحدث هذا؟.. وإذا كانت الجهات الرسمية فى الدولة تتعامل مع المواطن بهذا الأسلوب فما الذى يمكن أن يفعله القطاع الخاص؟.. أين القانون؟.. وأين احترام التعاقدات؟.. أسئلة كثيرة ودلالات خطيرة.. لكننا أيضا مازلنا نلتمس الفهم.. وننشد الحل.. لذا فإننى بحثت عن الرواية الرسمية فى الموضوع.. فقيل لى إن المشكلة تكمن فى ارتفاع أسعار مستلزمات البناء من الحديد والأسمنت وغيرها على مدى هذه السنوات منذ طرح المشروع الذى تبلغ تكلفته الإجمالية أكثر من 3 مليارات جنيه، وهو ما ترتب عليه ارتفاع تكلفة بناء الوحدة السكنية، فكيف يتم بيعها للحاجزين وفقا للأسعار القديمة؟.. تلك هى العقدة التى مازال الموضوع متوقفا عندها.. وقيل لى نصا إن المسئولين «مش عارفين يعملوا إيه»!.

الآن.. يمكنك أن تقول ما تريد.. أن تتعاطف مع المواطنين أو أن تعذر الرسميين.. لكن لا بد أن تعرف أن المحافظة هى التى أخرت تسليم الأرض لهيئة التعاونيات لعامين فزادت الأسعار.. فهل لا بد أن يتحمل المواطن هذا؟.. وإذا كانت المحافظة والهيئة قد وقفتا أمام العقدة عاجزتين، أليس هناك مسئول أعلى يمكن أن يصدر قرارا بالحل؟!.

أخيرا أقول: أعلم أن هذه المشكلة ورثها المحافظ الحالى اللواء عادل الغضبان من سابقيه، وأنها ليست من صنعه، لكنه أيضا لم يحلها، وهى كذلك ليست المشكلة الوحيدة، فالأنباء الواردة من بورسعيد فى المجمل غير مريحة، والشارع البورسعيدى يعجُّ بتساؤلات وحيرة، عبّر عن بعضها أخيرا بغضب النائب السابق البدرى فرغلي، ابن بورسعيد النابت فى ترابها، عندما اتهم المحافظ بالتسبب فى وصول الفقر والبطالة إلى معدلات غير مسبوقة، وأن شباب المدينة أصبحوا بلا مستقبل أو أمل فى عمل.. ولكن جاء رد المحافظ، السبت الماضي، بزيارة ودودة للبدرى فرغلى فى مقهى «سمارة» بحى شرق، وبعد أن تناولا معا عصير الليمون، تم تداول صور تقبيل «الغضبان» رأس «البدرى»!.. أفلا يدفعنا كل ما سبق إلى أن نتساءل بقلق: ماذا يحدث فى بورسعيد؟.. السؤال مهم وضرورى.. لعل أحدا يلتفت.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف