هل يمكن أن تقدم دولة ـ حتى ولو صغيرة ـ نفسها هدية لدولة أخرى.. وهل يملك حكام أى دولة حق هذه «الهبة» وهل مازال موجودًا مثل هذا السلوك، أى يكون مصير دولة.. ومصير شعب، مرهونًا بإرادة الحاكم حتى ولو كان هذا الحاكم يملك المن والسلوى؟ هذا هو الغريب والطريف.
إذ ها هو وزير خارجية قطر محمد عبدالرحمن آل ثانى يعلن ذلك فى مؤتمر صحفى ـ أول أمس فى باريس.. وبالطبع لا يستطيع وزير لأى وزارة حتى ولو كان من الأسرة الحاكمة أن يعلن ذلك، إلا بعد تلقيها أوامر بذلك من الحاكم، الذى كثرت عوراته.. وزادت عن المعقول.. ونسأل هنا هل تتحكم سياسة «الهبة أو المنح أو العطية» فى سلوكيات بعض المسئولين.. أم يكفى أن نتذكر العبارة «التى كانت معهودة» فى الزمن الماضى، عندما كانت الفتاة تقول للرجل؛ وهبتك نفسى.. أو زوجتك نفسى.. وإذا كان ذلك قد انتهى بتطور الحضارة، إلا أنه مازال موجودا، ليس فقط المرأة.. بل عند الرجال فى تلك الدولة غريبة الأطوار.
<< وقطر تدق الآن كل الأبواب لتخرج من الحصار المفروض عليها.. إذ ربما تجد أو تلتمس تأييدًا لجريمتها الداعمة للإرهاب العالمى.. وليس الإقليمى فقط.. إذ نفس وزير الخارجية يداعب أمريكا.. أملاً فى دعمها.. ربما بسبب وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى المنطقة ترابط فى منطقة العديد داخل قطر. بل هو أيضًا يسعى إلى تأييد فرنسا.. وغيرها، والقضية أنه ليس هناك فى المنطقة من يؤيد قطر إلا الدولتان الطامعتان فى ثروة قطر الأولى على الشاطئ الآخر من الخليج العربى، الذى تصر إيران على تسميته بالخليج الفارسى، وقطر بارتمائها فى أحضان ايران ـ رغم اختلاف المذاهب ـ وفرت لإيران أعظم فرصة لكى تضع أقدامها فى شبه الجزيرة العربية، وعلى بعد خطوات من البحرين، التى كانت طهران تحلم بالاستيلاء عليها، لولا عروبة أهل البحرين.
<< وقطر بذلك حققت حلم الفرس القدامى ـ والايرانيين الحاليين فى تصير السيطرة الايرانية على الشاطئ الغربى لهذا الخلية أو بما يسمح لها بمد ثورة الخومينى غربًا، التى أعلنها الامام الخومينى منذ سيطر على ايران عام 1979، وبذلك تتواجد إيران الرسمية ـ رسميًا فى شبه جزيرة الدوحة.. أى تضع أقدامها فى منطقة مجاورة تمامًا لأرض فيها شيعة سواء بالمنطقة الشرقية من السعودية.. أو فى دولة البحرين غربا.. ثم فى الامارات العربية شرقًا.. وهذا هو أهم أسباب رفض السعودية والكويت والبحرين والامارات للتقارب القطرى مع طهران بعد أن ثبت أن أصابع إيران تتعاون مع أصابع قطر لتحريك الشيعة فى هذه الدول العربية.. وبالذات فى البحرين وشرق السعودية وكل ذلك مؤكد بالوثائق.. هنا جاء الرفض الخليجى المدعم من الموقف المصرى.
<< ولا تعجبنى زفة الاعلام المصرى ـ بالذات تلك التى ترى أن الحصار الخليجى ـ المصرى سيؤدى سريعًا إلى هز الاقتصاد القطرى وبالتالى يؤدى إلى تراجع قطر عن سياستها وقبول الآراء الخليجية المصرية المشتركة.. أو على الأقل الجلوس إلى مائدة المفاوضات.
ولكن هل تقبل إيران أن تخرج من قطر بعد كل ما حققته سياستها.. أم نصبح بذلك على فوهة صراع خليجى عربى ـ إيرانى بسبب الوجود الإيرانى داخل شبه جزيرة العرب؟!