الوطن
د . ماريان جرجس
حان وقت استرجاع المجمتع الكوزموبوليتان!
كلمة (كوزمو) هى كلمة أعجمية تعنى الكون، ومجتمع الكوزموبليتان هو المجتمع الذى يتسم بتعددية الأطياف، والذى كانت تتسم به مصر فى الفترة الملكية حيث -كمان كان يٌقال- ذلك إيطالى وذاك يونانى وتلك فرنسية، كل منهم كان يشغل وظيفة معينة، فكانت مصر وقتها تتميز بانخفاض عدد السكان وكانت بغُية لهم فى العمل والرزق.

ولكن ذلك المجتمع المتعدد الأطياف لم يكن له بعدا اقتصاديا فقط ولكن كان له بعدا معنويا وثقافيا أيضا، ولذا نرى المجتمعات الغربية والدول الأوروبية التى تفتح بابها للهجرة، وليس فقط للعمالة ولنقص الأيدى العاملة ولزيادة عدد السكان فى الدول النائية، ولكن أيضًا لأنها تدرك أن تواجد مختلف الجنسيات فى مجتمع واحد يخلق تلقائيا قبول الآخر وقبول الثقافات واللهجات والألوان المختلفة.

ويقبل الإنسان الآخر باختلاف شكله وهيئته وملبسه ولكنته المختلفة، حتى فى نطق نفس اللغة.ومن هنا يعطى ذلك المجتمع- مختلف الطراز- الدولة الحصانة ضد وقوع أى حروب أهلية أو عرقية أو دينية، بل ويقوى الراوابط الإنسانية، وتعلو المواطنة والتحضر دون الحاجة للمنادة بشعارات المواطنة والإخاء ووجوب قبول الآخر، وتجديد الخطاب الدينى مسيحيًا كان أم إسلاميًا!ولكن يسهل على دول الغرب والدول غير النامية فتح باب الهجرة لها، ربما لتحسن أوضاعهم الاقتصادية وجذب الشعوب الأخرى من تلك النقطة.

فكيف تفعل مصر ذلك فى ظل النمو الاقتصادى والمشروعات القومية العظيمة التى تنفذها، وفى ظل إعادة هيكلة الدولة وإصلاح البنية التحتية المعنوية والملموسة، وإصلاح أخطاء العهود السابقة؟

من الممكن جذب الأطياف الأخرى، ليس بالعائد المادى فقط ولكن بالطبيعة والأماكن الجميلة فى مصر مثل شرم الشيخ والغردقة ودهب، لا للسياحة فقط، ولكن كما يفعل البعض من الجنسيات المختلفة بعد الانتهاء من مشوار أعمالهم الحياتية، بل والاستقرار فى تلك المدن وأيضا فتح فرص عمل لمستثمرين من الغرب والمستشرقين والمهتمين بأحوال الشرق الأوسط، للاستفادة منهم فى كل المجالات، ومن خبراتهم ومن التبادل العلمى والثقافى.

حتى بعد قمة بريكس والتعاون المشترك بين الصين ومصر، لما لا تفتح مصر الباب أمام المنتجين والمصنعين الصينين لخلق اسثثمارات وصناعات على الأراضى المصرية لتقليل البطالة ونقل السلوك المنتِج للمواطن المصرى، واعادة حب الصناعة والإنتاج والحرف والأعمال اليدوية والتخلى، بل النفور من عادات المجتمع الاستهلاكى والاكتفاء بالتجارة، وهو المبدأ الخطير الذى رسخته الجماعات المتطرفة فى آخر ستين عامًا، مدعية أن التجارة هى أشرف المهن! مستترة تحت كلمات دينية لإقناع المواطن المصرى وإبعاده عن التصنيع والصناعة والاستثمار، لأنهم يوقنون جيدًا أن من يصنع بيده شيئًا يصنع قراره! وهو ما خافت منه ولا تزال تخشاه الجماعات المتطرفة التى لا تريد الخير لنا.

فإلى مزيد من التعددية والانفتاح والاستثمار وإعادة المجتمع متعدد المهارات والثقافات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف