الأخبار
محمد السيد عيد
الوصل والفصل - المثليون
مصر لديها مشكلة جنسية حقيقية. فبعد الثورة مثلاً وجدنا فتاة تدعي علياء المهدي تتعري تماماً احتجاجاً علي أمور لا تعجبها في المجتمع، وتعلن هذه الفتاة بجرأة شديدة أنها تمارس الجنس دون زواج. ومنذ فترة قريبة أعلنت فتاة علي الفيس بوك أنها تزوجت بفتاة أخري، وأن والدها رفض في البداية إلا أنه تفهم الأمر بعد ذلك وبارك الزواج، وتمني لها التوفيق. أي أننا أمام واقعة مثلية جنسية بين النساء، ويري طرفا هذه العلاقة أن من حقهما ممارستها في العلن، والمهم أن الأب الذي يفترض أنه صاحب السلطة علي ابنته يبارك ما تفعله. ومنذ أيام محدودة تم تنظيم حفل شاركت في إحيائه فرقة للمثليين، وحضر الحفل عشرون ألف شاب وفتاة. وحرص المثليون خلاله علي رفع العلم الخاص بهم ليعلنوا عن أنفسهم. واستضاف أحد برامج التوك شو واحداً منهم في مكالمة هاتفية فإذا به يهاجم المجتمع لأنه لا يفهم المثليين، ويضطهدهم، ويصف المجتمع بالجهل والرجعية، ويؤكد أن من حق المثليين أن يعيشوا في المجتمع مثل غيرهم.
هذه الحوادث لابد من وضعها في إطارها الصحيح، بأن نضيف إليها حوادث الاعتداء الجنسي علي الأطفال، مثلما حدث مع الطفلة زينة وغيرها. وأن نضم إليها أيضاً المجموعات التي قبض عليها في الفترة الأخيرة بتهمة تبادل الزوجات. وأن نربط بين هذه الممارسات وبين الفتاوي الغريبة المرتبطة بالجنس، التي انتشرت في البرامج التليفزيونية وعلي صفحات الفيس بوك. يجب ألا نفصل بين هذه الممارسات وبين قول سعاد صالح بأن بعض الفقهاء أجازوا معاشرة البهائم، أو نفصل بينها وبين قول الدكتور صبري عبد الرءوف بجواز معاشرة الزوجة الميتة، أو بينها وبين القول بجواز نكاح القاصرات، ولو كانت الفتاة في المهد. فكل هذا متصل ببعضه، ويشير إلي حقيقة واحدة، وهي أننا نعيش مشكلة جنسية حادة، قولاً وفعلاً.
إن المجتمعات حين تمر بمرحلة من التغيرات الكبري، مثل الحروب والثورات، يهتز نظام القيم فيها، فتظهر مثل هذه الفتاوي والأفعال. وأظن أننا بعد ثورتين نعيش هذا المناخ المتوتر الذي يؤثر علي القيم، ويسمح بهذه الآراء والممارسات الشاذة. ويجب أن نعلم أن الفترة الحالية التي يمر بها المجتمع المصري ليست شيئاً فريداً، فقد مرت بها مصر من قبل كثيراً، مرت بها مثلاً في العصر الأيوبي، حين كانت مشغولة بالحروب الصليبية، وظهر فيها اللواط علناً، وكتب الشعراء القصائد في التغزل بالغلمان، والصبيان المرد، الذين لم تنبت لهم ذقون، ويمكن أن نري هذا بوضوح في ديوان شاعر كبير مثل ابن سناء الملك. كما نراه أيضاً بعد ذلك في العصر المملوكي، في ديوان شاعر كبير آخر هو ابن نُباتة المصري. باختصار ما يحدث الآن ليس شيئاً فريداً، ولم يأت من فراغ، لكنه صدي التغيرات الحادة التي يمر بها المجتمع، وكلما مر المجتمع بمثل هذه الأحداث الكبري تكرر حدوث الظاهرة.
وحتي لا نكون قساة علي أنفسنا فيجب أن نعلم أن الأمر ليس خاصاً بمصر والمصريين فقط، بل هو ظاهرة تتكرر في المجتمعات المختلفة حين تمر بظروف مماثلة، وحسبك أن تقرأ ديوان أبي نواس، أو كتاب الأغاني، لتري كيف أثرت الظروف القلقة علي منظومة القيم في المجتمع العراقي في العصر العباسي.
وفي رأيي أن التصرف الصحيح لمواجهة هذه الظاهرة أن نعترف بوجودها دون خجل، وأن نعتبرها مرضاً مؤقتا يمر به المجتمع، وأن تقوم المؤسسات البحثية بعمل دراسات علمية حول هذه الظاهرة، وألا نكتفي برفع الدعاوي علي المتهمين، وإلقاء القبض عليهم، وإصدار الأحكام بحبسهم. فهذا هو التصرف السهل، أما التصرف الصحيح فهو معالجة من يمكن علاجه من هؤلاء الشباب، ووضع خطة لمحاربة انتشار هذه الظاهرة، بالتوعية الدينية والصحية والأمنية، لأن ممارسة الشذوذ كثيراً ما تنتهي بالقتل. والمهم أن نتحرك بسرعة قبل أن يتفاقم الأمر.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف