المصريون
اسماعيل حلمد
انفلات قيمي ... ووطن غاضب
يمر المجتمع المصري هذه الأيام بمخاض خطير منذ 25 يناير 2011م ... ومن يراقب المشهد المجتمعي في مصر لابد وأن يصاب بواقع صادم ومؤلم لما وقع من انفلات أخلاقي ... وفساد في القيم والثوابت ... يكاد يعصف بالمجتمع ... وهو ما يشكل خطورة داهمة لا يمكن تفهم أبعادها ... ولا اتجاهاتها.... ولا عواقبها الوخيمة. ومن المؤكد أن الأحداث في بلادنا تبدو متسارعة بطريقة لاتعطي المرء فرصة لالتقاط الأنفاس لتفسير مظاهر ذلك الانهيار اللافت في قيم المجتمع المصري ... وأخلاقه. وهو مجتمع يوصف بأنه متدين ... ويميل دوما لاحترام العادات والتقاليد التي تثبتت عراها في ثنايا هذا المجتمع ... والتي تقوم على المباديء والقيم الإسلامية النبيلة. ولا اتفهم مطلقا رغبة السلطة في مصر في محاولاتها الدؤوبة لإلقاء مزيد من الصدمات القيمية على كاهل هذا الشعب المطحون ... وذلك بالتوازي مع الأداء المترهل منذ ان تبوات الحكم منذ قرابة الثلاث سنوات .. إذ تمضي هذه السلطة في مشروعها الذي يقوم على ترسيخ معاناة المواطن في شتى جوانب الحياة ... وعلى كافة المسارات. ورغم عدم تقديم أية حلول مقبولة للأزمات الطاحنة في الملفات السياسية أو الاقتصادية تحديدا ... حتى ساد شعور بالإحباط في حلول مستقبل أفضل في المدى القريب ... يخرج المواطن من ذلك النفق المظلم الذي يقبع فيه. ورغم صبر المواطن على مضض على ذلك الوضع المتردي في إدارة الملف الاقتصادي ... إلا أن السلطة لا تجد حرجا في ان تقدم الصدمات المتتالية لهذا المواطن المسكين ... ولعل منها ما يرتبط بعقيدته ... وثوابته الدينية. حيث تركت الدولة بعضا من مدعي العلم لينالوا من الثوابت الإسلامية ... وصار الدين مستباح الجانب ... وخاصة مع تصاعد الحملات المستعرة ضد السنة والتشكيك فيها ... وهي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام. وحتى القرآن الكريم ذاته لم يسلم من تلك الحملات الماجورة ... ومن الطعن فيه. وعلى هذا تركت اجهزة الدولة هؤلاء الطاعنين والمشككين في ثوابت الدين ممن لا علم لهم للنيل من القرآن ... والطعن في كتب الحديث ... وتحديدا صحيح البخاري الذي يقول العلماء انه أصح كتاب بعد كتاب الله. ورغم ان ذلك يخالف مواد الدستور التي تؤكد ان دين الإسلام. ولا يمكن أن يفهم ذلك إلا في سياق محاولات تهدف لافقاد عوام الناس الثقة بهذه الكتب رغم قيمتها. ومن ثم صار الطعن في ثوابت الدين أمرا عاديا في إعلامنا ... دون أن تقوم الدولة بما يجب عليها القيام به من إجراءات لردع هؤلاء المتنطعين. ويسير ذلك بالتوازي مع حملات الطعن في الأزهر الشريف ... واحتقار دوره ... ومن ثم محاولة تصديره للناس بان افكاره... ومناهجه تعد مصدرا للتطرف في المجتمع ... وانها تبث بذور الكراهية بين المواطنين. ومن المؤكد أن الهدف من ذلك محاولات لهز كيان الأزهر الشريف ... تلك المنارة العلمية والدينية الشامخة منذ بناء الازهر الشريف منذ أكثر من ألف سنة ... وهو الذي يقدم لعوام المسلمين مبادىء الدين الصحيح ... دون غلو او تطرف ... ودون إفراط أو تفريط. ومع كل ذلك لم تحرك الدولة ساكنا في هذا الصدد ... ولم تقم بوقف الحملات المتعمدة لتشويه علماء الأزهر ... وأفكارهم ... مع اعترافنا في ذات الوقت بوقوع بعض العلماء ممن ينتسبون للأزهر في سقطات لا يمكن إنكارها. ثم تأتي علينا موجات اخرى متسارعة من الأحداث تشي بمخاطر لاحد لها تهدد كيان المجتمع ... وقيمه. لعل آخرها واشدها فجاحة ... سماح الدولة مؤخرا بإقامة حفل لإحدى الفرق الموسيقية المثلية بالتجمع الخامس. ورغم معرفة أجهزة الدولة بأفكار هذه الفرقة ... ودعواتها لمثل هذه الأمور المشينة... التي تهدد بناء المجتمع ... وتعارض ثوابت الدين. ومع ذلك اقيم الحفل ... وحضر الألالف من الشباب ... ورفعت اعلام المثليين في القاهرة. وهو ما نال استنكار المصريين ... رغم محاولات البعض اظهار مثل هذه الأفكار في سياق الحرية الشخصية ... وكذلك حرية الفكر والاعتقاد ... وانه لا وصاية على حرية احد ... وغير ذلك من التبريرات الغير مقبولة. لقد كان هذا الحفل بهذه الكيفية صادما لعموم المصريين ... نظرا لرمزيته ... وتأكيده بأنه لا توجد خطوط حمراء في المجتمع ... وحرية اي شخص المطلقة في ان يفعل ما يريد. وللاسف يسود الآن شعور بين الناس بأن الدولة باتت لا تمانع في وجود مثل هذه الأفكار الشاذة رغم خطورتها. ومن المؤكد أن هذا الذي حدث لايمكن قبوله بأي حال من الأحوال ... وهي ما يطرح تساؤلات عدة حول الغاية من ذلك ... ومن سهل إقامة هذا الحفل ... ومن وراء نشر هذه الأفكار الشاذة ... وللحديث بقية ...
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف