لينجراد.. مساء الاربعاء بالقطار.. أو صباح الخميس بالطائرة والعودة السبت أو الأحد.. سمرقند وبخاري والعودة الاربعاء.. أو الخميس والسفر الي صوفيا يوم السبت.. ياه.. كل ده! كل دي مشاوير؟ لم أكن أتعب ولا أكل ولا »أهمد».. لم أكن أتعب أبداً.. كنت - كلما سرت مشوار »أتبعه باللي بعده» كلما بعدت المسافة أحسست أنني أقترب أكثر.. اقترب من مكان أحب أن أراه وأبتعد عن مكان اكثر مما أراه.. كنت أحس أنني أبتعد عن مكاني لأقترب من مكان آخر.. وهنا أكون في مكان أكثر بعدا عن مكاني..
أقتربت مني سيدة وجعلت تمسح علي جسدي بيديها وتقول: »الله اكبر» وتكررها وهي تقول ثم تمسح علي ظهري وهي تكررها.. تبركا بما رأته مني وأنا أقول لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله.
وظلت تتشهد وتقول الله اكبر الله اكبر.. وجعلت أبتسم لها وكلما قالت الله اكبر الله اكبر.. حتي أصبحت أبكي لما قالته. وهناك رأيت العجب في الناس الذين يتبركون »باسماء الله الحسني» ويقولونها رغم أنهم لايفهمونها ولكن يقولونها بغير فهم وهم يتذوقون الأحرف والكلمات دون أن يعرفوا معناها وقلت سبحان الله هؤلاء الناس لايعرفون العربية ويفهمون القرآن الكريم ولكنهم يعونه بقلوبهم وقد قلت هذا الكلام بعد عودتي لاحد المشايخ فقال لي أن الله أدخل الاسلام الي قلوبهم ففتح الله عليهم به.
وحينما سافرت الي بخاري وزرت مقام الامام البخاري وجدت اناسا يتجمعون يوم الجمعة عنده ويذكرون الله ذكرهم بآيات القرآن دون أن يفهموها وكأنهم ينشدونها وكنت كلما ذكرت الامام البخاري أمامهم مسحوا علي ظهري وقالو »الله اكبر.. الله اكبر» لقد وجدت أن هؤلاء الناس حسن اسلامهم عن بعد وأن اسلامهم أحسن من اسلامنا بكثير.. وكان كأنهم متبتلون يقرأون القرآن وكأنهم يعرفونه ويقرأون الأحرف والكلمات وكأنهم يعرفونها جيدا.. وقد رأيتهم وهم يقرأون في خشوع ووقار وكأنهم يتعبدون وكأنوا وهم يقرأون القرآن يتوقفون عند الآيات ثم يقولون »بسم الله الرحمن الرحيم» مرات عديدة وكأنهم يعيدون ذكر الله الرحمن الرحيم والحقيقة أني رأيت فيهم وقارا ورحمة اكثر من عندنا فعندنا نقرأ بسرعة دون انتظار لفواصل أما هم فيفصلون من فصل الي آخر بفصلة وأخري ورأيتهم خاشعين لله رب العالمين اكثر من أي احد في العالم لأنهم لم يجدوا من يزيف مواكبهم ولايزيف أركانهم رحم الله هؤلاء الناس رحمة واسعة بقدر ما يرحمهم الله.