منى رجب
التصدى لفتاوى الكوميديا السوداء
أصبحنا محاصرين بسيل عارم من الفتاوى المضللة، التى تخرج علينا مع كل صباح ومساء وفِى اى وقت من النهار تشبه الكوميديا السوداء التى نضحك عليها بينما نبكى على أنفسنا ونحزن على وصولنا لهذه الحال من سيطرة رجال أو نساء يقدمون أنفسهم على أنهم دعاة دين بينما آراؤهم كلها تتشح بالسواد والتطرف، وتحولت من كثرتها وغرابتها فى الفترة الاخيرة الى خزعبلات مضحكة..لقد اصبح السكوت عن هذه الفتاوى مع انشغالاتنا اليومية بمثابة جريمة فى حق أنفسنا وفى حق المجتمع المصرى وفى حق وطن فى حالة بناء وتنمية من اجل التقدم.
ان العالم كله يتحرك من حولنا بأسلوب علمي.. والتكنولوجيا فى كل يوم تقدم لنا الجديد الذى علينا ملاحقته، بينما فى مصر نواجه تفسيرات وفتاوى تتخذ الدين وسيلة لتحقيق أغراض ظلامية، ومن المؤكد والواضح ان الغرض منها هو إغراق الشعب فى دوامات التخلف.. والحيرة... والبعد عن التفكير العقلانى او العلمي. وعدم الحركة ناحية المستقبل.. فهناك من يفتى بإباحة نكاح المتوفاة وفتوى اخرى بإباحة نكاح البهائم، وفتوى ثالثة بزواج الفتيات فى سن صغيرة.. وفتوى بدخول الحمام بالرجل اليمني.. وفتوى بتحريم الاحتفال بليلة النصف من شعبان واخرى بتحريم الحب باعتباره من الفواحش.. وتحريم الاحتفال بعيد الحب وغيرها من الفتاوى مما لا يتسع المجال لذكره هنا حول تهميش المراة وتحقير شأنها، فهى كبش الفداء الاول لدى المتشددين..ان هذا يحدث فى بلدنا للأسف تبينما نجد ان دولة كسنغافورة تبلغ نسبة المسلمين فيها 14فى المائه تم فيها أخيرا تنصيب رئيسة للدولة مسلمة هى حليمة يعقوب لكن لم يخرج احد فيها ليقول ان النساء غير صالحا للحكم، او يبحث عن فتاوى دينية متخلفة لمناهضة حكم النساء لسبب بسيط هو ان سنغافورة قد اهتمت بالتعليم كخطوة أولي، وتعد حاليا واحدة من اغنى البلاد فى جنوب آسيا وأكثرها استقرارا من الناحية السياسية وتعد رابع اكبر مركز مالى فى العالم.
اننا لكى نتقدم للأمام لابد ان نتصدى بكل وضوح تلهذه الفتاوى المتخلفة وان ننظر الى سبل تقدم الدول التى حققت تقدما فعليا مثل سنغافورة. ومن الضرورى ان يتصدى تيار الاستنارة فى تالمجتمع لهذه الفتاوى التى أغرقت وسائل التواصل والإعلام بتنظيم حملات تشارك فيها عدة مؤسسات وهيئات ووزارات مسئولة مثل الازهر والأوقاف والشباب والثقافة والجامعات والمدارس.. والصحف. ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالمجتمع والثقافة.. وأتوقف هنا أمام تساؤل مهم هو لماذا يتركهم الازهر الشريف ينتشرون بهذه الفتاوى المضلله والمرفوضة.. ان مسئولية الازهر ان يظهر حقيقة الدين الاسلامى السمح.. واذا كان الازهر قد قام بتحويل تصاحب فتوى نكاح المتوفاة الى التحقيق فاننا نطالب بأقصى جزاء له او بإيقافه عن مجال الفتوى تماما ..لكن فى رأيى ان هذا لا يكفى لان هناك سيلا من المتشددين والذين سيستمرون فى فتاواهم مادامت هناك وسائل تواصل واعلام وقنوات تفتح لهم. لكن من المؤكد ان تهناك دورا مهما للأزهر ينبغى ان تيظهر وان يتضح اكثر فيما يتعلق بنشر الدين الاسلامى المستنير. وان يتم تطهير مناهج الازهر.. وان يتم تفعيل ما دعا اليه الرئيس عبد الفتاح السيسى من تجديد الخطاب الدينى .. كما ينبغى ان يقوم المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والمنابر الثقافية بدور مهم هو بث مفاهيم الاستنارة ومواجهة هذه الهوجة المتشددة والتى بدأت منذ احداث يناير 2011 ولاتزال تتصاعد مادام لم يتم تجديد الخطاب الديني.. وهذا فى رأيى لن يتأتى الا بوقفة حازمة حاسمة مع اصحاب الفتاوى والتفسيرات المتخلفة التى تبعد الدين عن مفاهيمه السمحة والوسطية وتعطى انطباعا فى العالم بأننا تدولة يسود فيها التخلف والتطرف وهيمنة رجال الدين..