أسامة الألفى
قانون يهدد الأسرة المصرية
حين صدر فى سبعينيات القرن الماضى ما عُرف شعبيًا باسم «قانون جيهان السادات» للأحوال الشخصية، قامت الدنيا ولم تقعد،رغم أن القانون كان متوافقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولكن واضعيه أخذوا بآراء فقهية ضعيفة فى تأسيس مواده، واليوم تتكرر الحكاية عبر مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، يعد النائب عبد المنعم العليمى للتقدم به إلى مجلس النواب، فى دور الانعقاد المقبل مع بداية شهر أكتوبر، من أبرز مواده المقترحة إعطاء الزوجة حق تطليق نفسها بشرط ألا تحصل على حقوقها، واشتراطه على الزوج قبل الزواج ألا يقترن بزوجة أخرى إلا بعد حصوله على موافقة الزوجة مكتوبة وموثقة، ويتم تقديمها للمأذون ولمحكمة الأسرة. ومن الغريب أن النائب ـ على ما يبدو ـ لم يستشر أحدًا قبل إعلانه نيته التقدم بهذا القانون، مكتفيًا بالقول سوف تتم استشارة الجهات المعنية مثل أهل الفكر الدينى والشريعة الإسلامية، والمجلس القومى للمرأة ومجلس القضاء الأعلى لأنه مختص فى الشئون القضائية، مما يعنى أن التصور موجود فى مخيلته، وأن رأى هذه الجهات سيكون استشاريًا وليس ملزمًا.
ويبدو أن النائب الفاضل لا يعلم أن القانون المعمول به حاليًا، يلزم المأذون بإثبات وجود زوجة على ذمة الزوج فى عقد قران الزوجة الجديدة، ويلزمه بإبلاغ الزوجة الأولى بزواج زوجها من أخري، مما يتيح لها فرصة التفكير والاختيار، بين الرضاء والقبول بالزوجة الأخرى أو طلب الطلاق للضرر، وهو حق يكفله لها القانون، بعكس مواجهة الزوج لزوجته برغبته فى الحصول على موافقتها كتابيًا على زواجه، والذى قد تنتج عنه مواجهات ساخنة تؤدى إلى الطلاق وخراب البيوت، أو إلى تراجع الزوج عن إشهار زواجه الجديد، وتحوله إلى الزواج العرفى الذى تضيع معه حقوق الزوجة الأخري، بل وقد يسفر عن ضحايا لعدم القدرة على تسجيل الأبناء باسم الزوج العرفي. إن الشرع الحنيف حين خص الرجل دون المرأة بالعصمة، قرر ذلك لأن الرجل لا يتعامل بمشاعره وعواطفه وانفعالاته وإنما بعقله وحكمته، بينما النساء يتعاملن بالعاطفة وسريعات الغضب، ولو أعطيت العصمة لهن لانتهت العلاقة الزوجية عند أدنى مشادة، لأنهن لن يترددن فى التلفظ بالطلاق. لقد أعلن مركز بحوث الجرائم التابع للأمم المتحدة، أعلن أن مصر تحتل المركز الأول عالميًا فى قائمة أكثر النساء فى العالم اعتداءً وضربا للأزواج بنسبة 28%، وأن نسبة النساء اللواتى يضربن أزواجهن ويقفن أمام محاكم الأسرة طلبًا للطلاق والخلع وصلت لـ ـ66% من إجمالى الدعاوي، كما وصل عدد الدعاوى التى حولت إلى محاكم الجنايات فى عام 2016م، لاتهام الزوجات بتهم إحداث عاهة والتعدى على الأزواج إلى 1500 دعوى انتهت 650 منها بحكم قضائي، هناك 500 ألف رجل حرموا من رؤية أبنائهم بأمر من الحموات، رغم صدور أحكام قضائية وفق سجلات محاكم الأسرة، والناتج آلاف الرجال المحرومين من أطفالهم، بالإضافة إلى تعرضهم للعنف الجسدي، والاتهام زورا بتبديد المنقولات الزوجية، فضلاً عن وجود العديد منهم داخل السجون بسبب قضايا النفقة. ومشروع القانون المقترح سوف يؤدى فى حال إقراره إلى هدم بيوت كثيرة، وتشريد أطفال لا ذنب لهم، وكان الأجدر بتسريع العمل فى محاكم الأسرة ووضع ستة أشهر حدًا أقصى لهذه الدعاوي، أو المطالبة بعودة المحاكم الشرعية التى ألغيت فى خمسينيات القرن الماضي، رغم الدور الفاعل الذى كانت تؤديه.