جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة"، وفي رواية أخرى "بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هذا الحديث الطيب المبارك أشار رسول الله إلى الشعب الإيمانية والتي هي عرى الإيمان وأخلاقه التي يكتمل بها إيمان العبد، وهي عبارة عن صفات يتخلق بها المؤمن، ولقد أشار الرسول الكريم أولا إلى الأساس الذي هو الأصل في الإيمان وهو الإيمان بوحدانية الله تعالى وتفرده سبحانه وتعالى بالألوهية والربوبية، فلا إله غيره ولا رب سواه، ولما كان التوحيد هو أساس الإيمان جعله عليه الصلاة في مقدمة شعب الإيمان، وأشار إليه أنه أعلاها، ثم أشار عليه الصلاة والسلام إلى أدنى الشعب الإيمانية وهي إماطة الأذى عن الطريق أي تجنيب الأذى وإبعاده عن الطريق، وبالرغم من صغر ذلك الفضل وهوانه فإن الأجر فيه عظيم وقد يصل إلى شكر الله للعبد ومغفرته تعالى له ويؤكد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "بينما كان رجل يمشي فإذ بشوكة ملقاة على الطريق فأخذها ونحاها عن الطريق فشكر الله له ذلك وغفر له".
ونستنبط من هذا الشطر أن المؤمن لا يحتقر عملا ولا يستهين به ولا يستصغره مادام فيه طاعة لله وفيه مرضاته، فالله تعالى حينما يتقبل عملا من العبد يكافئ سبحانه على قدره لا على قدر العمل ولا قدر العبد وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله أبهم، أي ستر وأخفى، ثلاثا في ثلاث، أبهم ولايته في خلقه فلا تحقرن أحدًا من خلقه ربما كان من أهل ولايته، وأبهم سبحانه رضاه في طاعته فلا تستصغر طاعة ربما كان فيها رضاه، وأبهم سخطه، أي غضبه، في معصيته فلا تستصغرن معصية ربما كان فيها سخطه".
هذا وقد حكي عن الإمام أبي حامد الغزالي الملقب بحجة الإسلام والعالم الجليل الزاهد التقي الكريم السخي صاحب المؤلفات العديدة وصاحب كتاب إحياء علوم الدين أن: "أحد إخوانه قد رآه بعد وفاته فسأله عما فعل الله به، فقال، غفر لي وأكرمني ثم قال أو تدري بما غفر لي ربي وأكرمني، قال أي صاحبه، لعلمك وصلاحك وتقواك وكرمك وخدمتك للإسلام ونفعك للمسلمين، فقال الغزالي لا، بل غفر لي بفعل فعلته لم يكن له وزن عندي وهو كنت أكتب يومًا وغمست قلمي في المحبرة فجاءت ذبابة لتشرب من المحبرة فسكنت لها حتى تشرب فتقبل الله مني ذلك وغفر لي وأكرمني على ذلك الفعل".
نعود إلى الشطر الأخير من الحديث الشريف وهو ما يتعلق بالحياء، وهو الشعبة الإيمانية التي تتوسط الشعب الإيمانية فهى بين أعلاها وهي لا إله إلا الله وأدناها وهي إماطة الأذى عن الطريق، وأعتقد أن شعبة الحياء هي الرابط للشعب الإيمانية ولكونها الشعبة الرابطة خصها الرسول الكريم بالذكر، وفي ذلك بيان وإيضاح إلى عظيم قدر هذه الشعبة، هذا وعندما ننظر إلى واقع مجتمعاتنا الآن نجد أن شعبة الحياء غائبة وتكاد أن تكن غير موجودة إلا لدى القليل من الناس، فقد ذهب الحياء وخاصة عند الفتيات والكثير من الناس فنراهم يرتدون أثواب تصفهم بشكل مقزز وهم الكاسيات العاريات كما وصفهم رسول الله ومنهن من تكشف معظم جسدها والذي هو في الأصل عورة، كما جاء في الحديث: "جسد المرأة كله عورة عدا الوجه والكفين".
هذا وقد ذهب حياء تجار الملابس الداخلية للنساء، ومن قلة حيائهم أو بمعنى أدق لانعدام الحياء عندهم يعرضون الملابس الداخلية في الفتارين وعلى هياكل وشواخص بشكل خادش للحياء وفيه مخاطبة للغرائز والشهوات، وهنا أتساءل: أين المحافظون وأين المجالس المحلية وأين المسئولون والذين لديهم سلطة القانون لمنع هذا الفجور وقلة الحياء، يا سادة كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، يا سادة يامسئولون اتقوا الله في أنفسكم وفيما استرعاكم الله إياه، وفي الختام هذا المقال بلاغ للسيد الرئيس الخلوق المحترم عبد الفتاح السيسي، وإلى كل من يهمه الأمر، اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.