المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. البيع ليس حلاً
ذكرنا ممتاز السعيد. عضو مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي. وزير المالية الأسبق. بأن في مصر شيئاً مهماً جداً اسمه قطاع الأعمال العام. الذي جري إهماله والتفريط فيه علي مدي السنوات الطويلة الماضية. حتي عشش فيه الخراب وصدأت ماكيناته وهجرته الكفاءات وتوقف عن الإنتاج أو كاد. وزادت مديونياته لبنك الاستثمار القومي إلي ما يزيد علي 90 مليار جنيه.
قطاع الأعمال العام.. أو القطاع العام.. بشركاته ومصانعه المهجورة. كان في يوم من الأيام هو عماد الاقتصاد القومي وقاطرة التنمية. ومحط أنظار الخريجين الذين يتطلعون إلي العمل والنجاح.. وهو الذي استندت عليه مصر طوال مرحلة الحروب المتكررة مع إسرائيل في تحقيق الاكتفاء الذاتي. فلم نمد أيدينا إلي الخارج.. وذلك قبل أن يتدهور به الحال. فيتم خنقه ومحاصرته بالخسائر والديون. ثم إهماله وعرضه للبيع من أجل التخلص منه.
يقول ممتاز السعيد: إن هناك معاناة في سداد مديونيات شركات قطاع الأعمال العام التاريخية.. وهناك مساعي من خلال أفكار جديدة لإعادة هيكلة وجدولة هذه الديون لتسويتها. مما يسهم في إعادة إحياء هذا القطاع.. ودعا وزير المالية الأسبق إلي إعادة بناء الشركات والمصانع التابعة للقطاع العام.. خاصة في صناعات الغزل والنسيج والحديد والصلب. والنصر للسيارات.. وذلك بتوفير الآلات والمعدات اللازمة لنهضة الصناعة وإعادة تشغيل هذه المصانع. مشيراً إلي تدخل الدولة مؤخراً. ممثلة في بنك الاستثمار القومي. بضخ حوالي 250 مليون جنيه لشركة غزل المحلة في شكل قرض مساند.. مما يسهم في تطوير الإنتاج وزيادة الطاقة الإنتاجية.
أظن أنه بعد مهرجان البيع لشركات ومصانع القطاع العام تحت لافتة الخصخصة.. وبعد الفساد الهائل الذي صاحب هذه الخصخصة.. يجب أن نكون قد وصلنا إلي قناعة بأن بيع القطاع العام جريمة.. ولا مجال لأي تجارب أخري في هذا الاتجاه.. ليس أمام مصر غير إعادة تأهيل وتشغيل هذه الوحدات الإنتاجية بكامل طاقتها.. كفانا تجارب فاشلة.. هذه هي الفرصة الأخيرة المتاحة أمامنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ولابد أن نغتنمها.
إذا أردنا دعم الاقتصاد الوطني. فلابد من الاتجاه لتشغيل القطاع العام.. وإذا أردنا زيادة الإنتاج. فلا مفر من تشغيل وحدات القطاع العام. وإذا أردنا القضاء علي نسبة البطالة العالية. فلابد أن نتجه إلي تشغيل وحدات القطاع العام.. وإذا أردنا الاستثمار الحقيقي الإنتاجي. فليس أمامنا غير القطاع العام.
استثمار الشيبسي والشويبس. لا يقيم اقتصاد دولة.. لأنه استثمار استهلاكي. لا فائدة منه علي الاقتصاد الوطني.. وإذا كان هناك للأسف من تراوده أحلام إحياء الخصخصة وبيع وحدات القطاع العام لإعادة دولة الرشاوي والسمسرة. فإننا نقول له ولأمثاله: اتقوا الله في هذا البلد.. اتقوا الله وخذوا العبرة من تجارب الخصخصة الفاشلة التي مرت بنا والتي أدت إلي إهدار ثروة البلد وأصوله.. وتشريد العاملين. ورفع نسبة البطالة.
فكروا كيف تسترد الدولة مصانع وشركات القطاع العام التي صدرت لها أحكام قضائية نهائية بالعودة إلي قطاع الأعمال العام.. فكروا في كيفية تطوير وتأهيل هذه الشركات والمصانع.. واجعلوا هذا الهدف مشروعنا القومي الحقيقي.. لأنه مضمون وعائده الاقتصادي والوطني لا يقدر بمال.
لو أننا كنا جادين في استرداد شركات ومصانع القطاع العام لكي تعمل بكامل طاقتها.. ولو أننا كنا جادين في إعادة فتح وتشغيل مصانع القطاع الخاص المغلقة. والتي يبلغ عددها أكثر من 4 آلاف مصنع.. فسوف نستطيع ـ فعلاًـ تغيير وجه الحياة علي أرض مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف