حقائق مفزعة كشفها تقرير المجلس القومي للسكان الذي صدر مؤخراً.. وأكد زيادة معدل السكان في مصر بما يعادل 2.5 مليون طفل جديد كل عام وهو ما يعني مولودا كل 15 ثانية وفجرت احدي المؤسسات العالمية العاملة في قطاع السكان تقريراً آخر احتلت فيه القاهرة صدارة قائمة المدن الأعلي كثافة سكانية في الشرق الأوسط وافريقيا بما يعادل 23 مليون نسمة!!
هذا الواقع الأليم اعتبره كثيرون بمثابة كارثة حقيقية خصوصاً أن الحكومات المتعاقبة عجزت خلال عقود طويلة عن مواجهة الأزمة.. فتحولت الزيادة السكانية إلي عبء يعوق مسار التنمية وفشلت حملة تنظيم الأسرة في الحد من الزيادة السكانية والخطير في هذه الكارثة أن الفقراء والغلابة هم الأكثر انجابا رغم كل الظروف الاقتصادية التي يعيشون بها وأغلبهم يعيشون في غرفة واحدة وبدورة مياه مشتركة مع أسر أخري!!
كشفت الإحصائيات أيضاً أن حوالي 27% من السكان تحت خط الفقر ومع استمرار الزيادة السكانية ستصل النسبة إلي 40% تحت خط الفقر.
وقد تعاملت الحكومات المتعاقبة مع هذه الكارثة بالصراخ والاستغاثات دون التعامل بجدية معها ووضع خطط جادة للحد من الزيادة السكانية أو تحويل الطاقة البشرية إلي أيدي عاملة ومنتجة تدعم الاقتصاد المصري.. بل تعاملت معها بشكل كوميدي من خلال إعلانات "حسنين ومحمدين" وغيرها!!
الغريب أن الميزانية المخصصة لجهاز تنظيم الأسرة تزيد علي 150 مليون جنيه بالإضافة إلي المنح والمعونات الخارجية ولكن هذه الميزانية يتم صرفها علي مرتبات العاملين بالجهاز ووحدات تنظيم الأسرة المنتشرة في جميع المحافظات.. والنتيجة في النهاية هو فشل جميع برامج وحملات تنظيم الأسرة مما أدي إلي تراجع المعونات الخارجية من أوروبا وأمريكا نظراً لاستمرار الزيادة في معدلات الانجاب في مصر.
واعترف د. أحمد عماد وزير الصحة مؤخراً بتراجع استخدام وسائل تنظيم الأسرة وانتشار الزواج المبكر نتيجة ثقافة "استر البنات" فضلاً عن انتشار المفاهيم الخاطئة لدي الكثيرين عن وسائل منع الحمل.
يقول البعض إن زيادة عدد السكان يعد مصدر قوة للدولة وليس مصدر ضعف بدليل ما حققته الصين التي تعد أكبر دول العالم في عدد السكان حيث وصل عدد سكانها إلي نحو مليار ونصف المليار نسمة.. إلا أنهم يتناسون أن الصين اتخذت قراراً مع بداية نهضتها يسمح للصينيين بإنجاب طفل واحد فقط للسيطرة علي الزيادة السكانية كما أنها رفعت شعار "الحياة لمن يعمل فقط" وتمكنت من تحويل القوي البشرية إلي أيد عاملة ومنتجة فتحت من خلالها أسواقاً تنافسية علي مستوي العالم فتحولت الكثافة السكانية بها إلي نعمة كما كانت لها تجربة مهمة في إعادة توزيع السكان علي كافة المناطق وعدم التمركز في المدن.
أما عندنا في مصر فقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإقناع الأسر بإنجاب طفلين فقط.. وقمنا بتعيين اعداد هائلة في الجهاز الحكومي للدولة بلا عمل حقيقي وأصبحت أكثر من ربع الموازنة العامة للدولة يتم تخصيصها للعاملين بالحكومة والقطاع العام.. ومازلنا نعيش علي مساحة 7% من إجمالي مساحة مصر ولا تزيد المساحة المزروعة من الأراضي الزراعية علي 8.9 مليون فدان في الوقت الذي نخسر فيه أكثر من 130 ألف فدان كل عام نتيجة الزحف العمراني عليها!!
آن الآوان أن تتحرك الحكومة من خلال إعادة توزيع السكان ووقف البناء وإقامة المشروعات في المدن الكبري المكتظة بالسكان والبدء في تعمير الصحراء وزيادة الرقع السكانية وهو ما تنبه إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه الحكم من خلال إقامة مدن جديدة في العلمين والإسماعيلية وهضبة الجلالة وإنشاء محور تنمية قناة السويس وإقامة انفاق كبري لإنهاء عزلة سيناء عن الوطن إلي الأبد تمهيداً لإقامة مشروعات كبري بها تستوعب ملايين المصريين.
نعم التحدي كبير.. ويحتاج إلي موارد ضخمة في الوقت الذي نعاني فيه من نقص الموارد.. ولكننا نستطيع أن نستفيد من التجارب التي حدثت في الصين والهند وغيرها وحققت نجاحاً مذهلاً وتحولت من دول فقيرة إلي دول غنية وتحقق معدل نمو اقتصادي كبير.
ويجب أن تكون هناك إجراءات عاجلة للحد من الزيادة السكانية الحالية التي تتسبب في التهام كل جهود التنمية.. وإنتشار العشوائيات في المدن الكبري وغياب الخدمات الصحية والسكن الآمن كما تتطلب موارد هائلة لإقامة المزيد من المستشفيات والمدارس والوحدات السكنية.
وفي رأيي أول هذه الإجراءات هي التوقف عن البناء في القاهرة وعواصم المحافظات فوراً وإقامة المزيد من المدن الجديدة في الصحراء.. لإعادة توزيع السكان في جميع أنحاء مصر.
تحركوا بسرعة قبل فوات الآوان.