الجمهورية
احمد المنزلاوى
مقاهي الأدب ونبيذ العرب
حملت اسم أشهر المشروبات. واشتد عليها الزحام لمشاهدة المباريات. وزحف كثير منها علي الأرصفة والممرات. وتوسعت علي حساب المعارض والمحلات.
ولا بأس أن نمر علي علي قصتها في مصر والعالم وما تناثر حولها من نوادر وحكايات.
يقصدها الناس لقضاء أوقات فراغهم أو قضاء مصالحهم. ولهم فيها مآرب أخري.
جاء اسمها من أقدم وأشهر المشروبات التي تقدمها. عرفت في الجزيرة العربية في القرن الخامس عشر الميلادي تقريبا. جاءت من اليمن والحبشة واستعان بها الصوفية علي قيام الليل. وانتقلت بعد ذلك إلي الشام ومصر ثم تركيا ومنها إلي أوروبا والعالم.
أطلق عليها الأوربيون اسم نبيذ العرب واسمها مشتق في لغاتهم من اسمها العربي. كوفي بالإنجليزية وكافيه بالفرنسية إلخ.
اتخذت القاهرة صوراً مختلفة من المقهي الشعبي إلي الحديث. "كافيتريا وكافيه ومقاهي النت" وظهرت المقاهي المتخصصة للأدباء والفنانين وغيرهم.
ظهرت في مصر أوائل القرن الخامس عشر وتطورت من الجلوس علي الأرض إلي الأريكة إلي المقعد الخشبي ثم البلاستيك.
وانتشرت في ربوع البلاد. وروي فيها الشعراء السير الشعبية. وأشهرها السيرة الهلالية.
قال مواطن دمياطي إن بعض المعارض في مدينته تحولت إلي هذا النشاط مؤخراً. وفي القاهرة والجيزة وغيرهما تحولت بعض المحلات أيضا.
اجتمع عليها الشباب في الصباح والمساء. وتخلفوا عن مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم أو ذهبوا إليها بين النوم واليقظة.
في سوريا تم افتتاح أول مقهي في دمشق 1530 وفي حلب 1532. وفي العاصمة السورية مقهي عمره يقترب من خمسة قرون اسمه "النوفرة" نسبة إلي نافورة أمامه.
وفي بغداد مقهي الزهاوي يحمل اسم الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي .1917
قالت مجلة الرسالة "عدد 217 - 1937" إن المقاهي ظهرت أولاً في الشرق العربي.
سافر طبيب ألماني "ليونارد زاوفولف" إلي حلب أواسط القرن السادس عشر وشرب القهوة لأول مرة "مشروب أسود كالحبر" وعاد إلي بلاده يروي ما رأي. مكان يجلس فيه الناس علي الأرض. ويرجع تاريخه إلي مئة عام. موجود بالعواصم والمدن الكبري.
ظهر المقهي بالقسطنطينية "اسطنبول الآن" 1554. وفي مصر قبل ذلك بنصف قرن وظهرت في مدينة البندقية "فينيسيا 1645". وبعدها ظهرت في لندن واكسفورد وانتشرت في انجلترا وقدمت القهوة علي الطريقة الشرقية. واستمر منع المقاهي في روما حتي أول القرن الثامن عشر.
وظهرت في فرنسا أوائل السابع عشر منها مقهي معروف "بروكوب" كان الفيلسوف فولتير من رواده.
ظهرت المقاهي في برلين "ألمانيا" أوائل القرن الثامن عشر.
صدرت الرسالة أسبوعية من 33 -.1953
ومن رواد المقهي الفرنسي جان جاك روسو فيلسوف العقد الاجتماعي. وفيكتور هوجو صاحب البؤساء. وأحدب نوتردام. وأوسكار وايلد الكاتب الأيرلندي.
ومقهي الفيشاوي من أقدم وأشهر مقاهي القاهرة. ارتبط بالأديب العالمي نجيب محفوظ وتردد عليه رجال الأدب والصحافة والفن أنشأه الحاج فهمي علي الفيشاوي 1797 بمنطقة الأزهر "قرب مسجد الإمام الحسين". وبالقرب من مقهي الزهراء والذي جلس عليه كبار المنشدين والشيوخ.
ومقهي متانيا "1875 تقريباً" شهد اجتماعات قادة الثورة العرابية. وخطب جمال الدين الأفغاني ومولد الحزب الوطني "مصطفي كامل" ومن رواده الأستاذ الإمام محمد عبده. وعبدالله النديم ومحمود سامي البارودي وسعد زغلول وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم والعقاد وغيرهم.
ومتانيا اسم المهندس الإيطالي الذي كلفه الخديوي إسماعيل 1863-1879 بتخطيط منطقة الأزبكية "العتبة والأوبرا" وأنشأ عمارة حملت اسمه وكذلك المقهي.
تمت إزالته بمعرفة محافظة القاهرة 1999 لتنفيذ مشروع نفق الأزهر.
ومن مقاهي الأدب المشهورة بوسط القاهرة ريش وزهرة البستان ومقاهي ميدان التحرير وعبدالله بالجيزة والمسيري بدمنهور.
وفي الخطط التوفيقية لعلي مبارك. وصل عدد المقاهي بالقاهرة سنة 1880 إلي 1027 مقهي منها 232 بالأزبكية و160 في بولاق أبوالعلا وعابدين.
وفي كتاب وصف مصر الذي أصدره علماء الحملة الفرنسية "1791 - 1801" تحدثوا عن مقاهي القاهرة المتخصصة.. منها مقهي علماء الأزهر "أصحاب العمائم". ومقهي الأفندية "أصحاب الطرابيش" ومقاه لأبناء الحرف المختلفة مثل النجارين والمنجدين وعمال البناء وغيرهم.
وفي الإسكندرية مقهي المحامين والكتبة بالمنشية "مقهي النيل". وفي المنصورة والقاهرة مقاه تذيع أغاني أم كلثوم علي مدار اليوم. وفي الصومال يشربون القهوة ومعها الذرة الشامية وطبق البخور.
ومن أشهر مقاهي الدراما مقهي الحلمية لصاحبه المعلم زينهم السماحي في مسلسل ليالي الحلمية لأسامة أنور عكاشة وإخراج إسماعيل عبدالحافظ. وقام بدوره الفنان سيد عبدالكريم إنتاج 1987 وظهر في ستة أجزاء.
ولا بأس من الجلوس علي المقاهي في الحدود المناسبة حتي لا تضيع منا قيم العمل والاجتهاد وكذلك الحوار العف النظيف لتتحول المقاهي إلي منتديات للأدب بمعناه الواسع الذي يجتمع فيه الإبداع والخلق القويم.
ومن أقوال فولتير المشهورة: "قد اختلف معك في الرأي. لكنني علي استعداد لأن أدفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف