فقرة في كتاب للدبلوماسي الكبير والسياسي المخضرم وهو كتابه الجديد آثار ضجة كبيرة في وسائل الإعلام علي مدي العشرة أيام الماضية.. المؤلف هو عمرو موسي والفقرة خاصة بالرئيس الأسبق جمال عبدالناصر الذي أصيب بمرض السكر فأصبح يستورد طعامه من المانيا بناء علي نصيحة الأطباء.. وهذا شيء طبيعي وعادي.. تماما مثلما نستورد دواء غير موجود عندنا.. أو هؤلاء الذين يسافرون للعلاج في الخارج.. ورغم كل الأقلام التي كذبت هذه الواقعة.. إلا انها واقعة حقيقية لسبب بسيط.. مؤلف الكتاب كان يعمل في سفارتنا بألمانيا وكان هو المتولي هذه المهمة مع المرحوم محمد أحمد سكرتير خاص عبدالناصر.
***
هذه الضجة الصحفية والإعلامية لا لزوم لها.. ففي الثلاثينيات والأربعينيات كان استيراد طعام أو ملابس أو أي شيء من أوروبا شيئاً طبيعياً ومعروفاً وتناولته صحف ومجلات هذه الأيام بكل التفاصيل.
ولعل أشهر حكاية في هذا الشأن كان بطلها محمد محمود باشا رئيس الوزراء.. وهو نجل محمود باشا سليمان الذي عرض عليه المندوب السامي البريطاني أن يكون ملكاً لمصر بدلاً من الملك فؤاد فرفض.. وظل محمد باشا محمود طول عمره يردد عبارة تقول:
- أنا ابن من عرضوا عليه ملك مصر فأبي..
محمد محمود باشا هذا كان علي علاقة صداقة وزبون لأشهر مطعم في العالم.. وهو مطعم "مكسيم" في باريس الذي كان يصدر طعاما مطبوخا لأمريكا وانجلترا!!! وكانت كل ولائم وعزائم محمد باشا محمود يتولاها مطعم مكسيم ويرسل بالطائرة طردا كبيرا فيه أطباق بها كل أصناف الأكل "الحلو والمالح"!!!... وكان رجال محمد باشا محمود ينتظرون الطائرة في المطار ليأخذوا الطرد من الطائرة بمجرد هبوطها ويذهبون إلي الأقصر بأقصي سرعة لإعداد الوليمة علي خير وجه.
حكايات صحفية كانت تنتشر من آن لآخر في صحف هذه الأيام وتنشرها بالصور.. باعتبار ان هذا شيء طبيعي وكان يتكرر كثيرا من آن لآخر.
***
أكثر من هذا...
كان محمد محمود باشا مشهوراً بأنه يرسل كل ملابسه إلي باريس ليتولي أشهر فندق في فرنسا وأوروبا كلها اسمه "جورج الخامس" - جورج شانك - غسيلها والمكوي.. كان يرسل ملابس الصيف عند بداية الشتاء ويرسل ملابس الشتاء عند بداية الصيف.. وكان الفندق يرسل الملابس إلي القاهرة بالطائرة في طرد كبير له شماعات للبدل والبلاطي وتحتها القمصان وباقي الملابس!!!
كتبت الصحف في ذلك الوقت ان بنطلون محمد باشا محمود له ثنية حادة وطويلة وعميقة بحيث انها تستطيع أن تذبح فرخة!!!
***
كان محمد محمود باشا مشهوراً أيضاً بتخصيص حجرة في قصره اسمها حجرة الملابس!!!... الحجرة كلها دواليب عدا جزء منها تسريحة بمرآة كبيرة.. حجرة مخصصة للبس فقط غير حجرات النوم والأكل والمكتب والصالون.
أول من قام بتقليده الممثل الكبير القديم زكي رستم في شقته الواسعة في عمارة يعقوبيان "سبع حجرات".. وكان هناك ركن في هذه الحجرة كله مرايات.. كان زكي رستم يحفظ بعض الحوارات المطلوبة منه في الفيلم ويجري بروفات منفردة أمام هذه المرايات!!!
الوحيد الذي قلد زكي رستم الفنان عزت أبوعوف!!! المخضرمون العواجيز أمثالنا يعرفون كل هذه المعلومات لأنها كانت تنشر في صحف زمان.