الوفد
عباس الطرابيلى
لماذا انهارت مدخرات المصريين؟
سؤال: لماذا أصبح المصري - القادر- أكثر إسرافاً وإنفاقاً.. يصل إلي حد السفه؟.
جواب: بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية، ساعة بعد أخري.. وليس فقط يوما بعد يوم!! وهذا الانخفاض أسبابه عديدة منها: انهيار معدلات إنتاج المواطن المصري.. إذ لم يعد ينتج، كما كان يفعل، حتي سنوات قريبة.. وأيضا توالي ارتفاع الأسعار- كل الأسعار- سلعا ضرورية.. أو حتي غير ضرورية وتوالي الضربات التي يوجهها الدولار للعملة الوطنية.. فما كان سعره جنيها صار سعره جنيهين وربما أكثر.. ولا أضرب مثلاً هنا بأسعار أراضي البناء.. ولكن بأسعار الخدمات. والغذاء. والملبس.. والمسكن.
هنا حدث انهيار العملة. ونسينا عصر المليم والتعريفة وألغينا القرش وربما عن قريب نلغي أيضا: الجنيه المصري، الذي كانت تقف له أعتي الأشناب وبسبب انهيار قيمة العملة المصرية.. اندفع كل الناس ينفقون، يشترون أي شيء، وكل شيء.. ونسينا جميعاً مقولة: القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود.. وتوسعنا في تنفيذ مقولة: انفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب!!
<< وبسبب التكالب علي شراء أي شيء.. انخفضت دعوات الادخار بل وانتهي عصر دفتر توفير البريد، الذي كنا «نحصل عليه» مقابل قروش معدودات.. حتي وثائق التأمين علي الحياة فئة 200 جنيه كانت قيمتها عالية.. الآن يكاد هذا المبلغ الذي تحصل عليه بعد 20 عاماً من التأمين والأقساط الشهرية يكاد يشتري كيل لحمة.. وكيلو بطاطس وطماطم يعني تأكل في وجبة واحدة ما دفعته وادخرته علي 20 عاماً.. فلماذا أدخر؟.. وحتي الأب الذي كان يفتح دفتر توفير باسم ابنته الطفلة على أمل أن ينفعه المبلغ- عند زواج الابنة- فى تجهيز العروسة.
<< وبالطبع اسألوا مسئولى دفاتر توفير البريد.. بل وكل أوعية الادخار، وكذلك شهادات الاستثمار والتأمين على الحياة.. ما هو الموقف الآن فى كل هذه الأوعية؟.. وهنا نقول إن الشعب الألمانى هو الأكثر إقبالاً على الادخار.. يليه الشعب اليابانى.. ولذلك نجد هذين الاقتصاديين فى المقدمة عالمياً.. وإذا كانت شعوب غيرنا تتدخل فى شبابها لتستمتع بالسياحة داخلياً، أو خارجياً من حصيلة هذه المدخرات، فإن المصرى محاصر الآن بين أسعار ما يأكل.. وأعباء الدروس الخصوصية.. ويا سواد ليلة من يمرض ابنه أو ابنته.. فيعجز عن تحمل أعباء العلاج!!
وسوف تدفع مصر غالياً إذا استمرت موجات التضخم الحالية.. واستمرت موجات الغلاء.. لأن من حصيلة هذه المدخرات تقوم الدولة بإعادة تشغيل هذه الأموال.. دون الحاجة إلى الاقتراض الخارجي الذى هو هم بالليل وكارثة فى النهار.. غير مخاطر الضغوط السياسية والدخلات الخارجية.
<< والغريب أن الدولة لا تنتبه كما يجب الى هذه الكارثة.. أى تحولنا الى شعب بلا مدخرات بعد ان كان دفتر توفير البريد هو المنقذ من الازمات.. ولحل المشاكل للبنين والبنات.
وأتحدى أن يقول لنا المشرفون على كل الأوعية الادخارية، أن هناك تصاعداً فى حجم المدخرات.. وربما يكون هناك تزايد فى بعض الأوعية الادخارية، لمن يملك المال، والسبب هنا هو وصول نسبة الفائدة إلى 20٪.. والمصرى يلجأ إليها الآن لتعويض ما تخسره قيمة العملة بقيمة الفائدة المرتفعة.. أو يلجأ الى شراء العقارات وأراضى البناء.. أو فتح أحد المطاعم.. لأن البطون لا تتوقف عن طلب الطعام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف