التوجهات الحكومية الأخيرة باتخاذ اجراءات حمائية لطبقة محدودي الدخل مثل زيادة المعاشات أو التوسع في معاش الضمان الاجتماعي أو علاوة غلاء المعيشة هي خطوات صحيحة لمعالجة الآثار المترتبة علي برنامج الاصلاح الصعب الذي فرض علينا في ظروف اصعب ألا إن هذه المحاولات محدودة الأثر وتتبخر ولا يشعر بها أحد بسبب تكرار القرارات المفاجئة التي تمس شريحة كبيرة من المواطنين وآخرها السماح لشركات الاتصالات بزيادة أسعارها بنسبة 36% رغم أن اسعار خدمات المحمول في مصر من أغلي الأسعار مقارنة بدول كثيرة تكاد تكون المكالمات فيها مجاناً. بالاضافة إلي ما تتمتع به شركاتنا من سوء للخدمة وضعف الشبكات والشكاوي المتكررة من سرقة الرصيد.
الغريب أن هذا القرار جاء مخالفاً لنظرية العرض والطلب. لانه وكما هو معلوم أنه عندما يزيد عدد مقدمي الخدمة تنخفض الأسعار ويحدث تسابق في تقديم العروض والحوافز للتنافس علي جذب العملاء وهذا ما كان ينتظره المواطنون إلا أن ما حدث كان العكس تماماً وتم الإعلان عن رفع الأسعار بالتزامن مع دخول شركة رابعة منافسة للشركات الموجودة. بما يعني أننا نثبت للعالم أن نظرياتهم الاقتصادية كلها ممكن أن تنعكس في مصر لأن زيادة المعروض في أي مكان في الدنيا تنخفض معه الأسعار.
الأمر اصعب وخطير لأن الوحيد الذي سوف يعاني ارتفاع الاسعار رغم المكاسب الهائلة التي تحققها شركات المحمول هو المستهلك الغلبان الذي تحمل كثيراً انتظاراً لتحسن الوضع الاقتصادي ونجاح برنامج الاصلاح وتحمل وحده كل ارتفاعات الأسعار سواء للسلع أو الخدمات في ظل الغياب التام للرقابة علي الأسواق.
كلمة فاصلة: أعتقد أن الشركات سوف تواجه مشكلة كبيرة. لانه من الممكن أن يودي الارتفاع المفاجيء في الاسعار إلي انكماش السوق بيما قد يؤثر علي أرباحها الإجمالية بصرف النظر عن ارتفاع نسب الربحية.. وبالتالي كل مواطن يقرر خفض استهلاكه لكل سلعة أو خدمة تفرض عليها ضرائب مبالغ فيها مثل خدمات المحمول وغيرها.. سوف تخسر الضرائب الكثير.