المصرى اليوم
أحمد شوبير
الاتحادات فى طريقها لتصبح «عزبة» لصاحبها ورئيسها
لست سعيداً بما يحدث فى انتخابات الاتحادات الرياضية عقب إقرار قانون الرياضة الجديد، والذى بموجبه أجريت انتخابات العديد من الاتحادات الرياضية طبقا للرؤية الجديدة للرياضة المصرية، والتى حررتها- على حد قول البعض- من قبضة الحكومة لتصبح إدارة الرياضة هى أول إدارة مستقلة فى مصر تحكم نفسها بنفسها، وذلك طبقا للميثاق الأوليمبى الذى استخدمه الكثيرون كفزاعة لترهيب وتخويف المسؤولين المصريين فى حالة اتخاذ أى إجراءات ضد أى اتحاد أو نادٍ مخالف للقواعد والقوانين.
والغريب أن الآية أصبحت معكوسة فى مصر، فبعد أن كانت الاتحادات والأندية تخطب ود الوزارة انقلب الأمر تماما، وأصبح كل اتحاد يحكم ويتحكم فى اللوائح والضوابط الخاصة بالانتخابات، وبعد أن كانت هناك لائحة واحدة تضبط إيقاع الانتخابات فى مصر كلها، أصبح لدينا مئات اللوائح فى مختلف الاتحادات والأندية، وضع فيها كل رئيس منظومة لائحة على هواه، فهذا يريد نائبين له وإلغاء منصب أمين الصندوق فيضعه فى لائحته، وذاك يرفض من الأصل وجود نائب للرئيس وأمينا للصندوق فرفعها من اللائحة، وآخر لا يحب الشباب فمنع تماما وجود الشباب داخل مجلس الإدارة، وغيره استحدث منصب السكرتير العام، والبعض زاد من عدد أعضاء المجلس، والبعض الآخر قلل منهم فى مشهد كارثى لم نعتده من قبل فى مصر، كأن الجميع يعلم أن كل هذه اللوائح تصب فى مصلحة أشخاص بأعينهم وليست مصلحة الكيان نفسه، مما يهدد بأن تتحول الأندية والاتحادات إلى «عزب» وملكيات خاصة لرئيسها وبعض من أعضاء مجالس إداراتها.

لذا سيصبح التغيير فى المستقبل أمراً شبه مستحيل، وسنعيش لسنوات طويلة مع رؤساء اتحادات وأندية قد تصل إلى أربعين سنة أو ما يزيد، وكلامى هذا ليس مزاحا، بل هى الحقيقة الواضحة، والتى للأسف يحاول البعض ألا يراها رغم وضوحها وضوح الشمس.

وأنا فى غاية الدهشة من أن يستغل بعض الشخصيات هذه الحرية التى منحها لهم القانون لمصالحهم الشخصية، وليس مصلحة الرياضة المصرية، ومن هنا فأنا أحذر من الآن أن القادم رياضيا سيكون هو الأسوأ على مر تاريخ الرياضة فى مصر، ليس العيب فى القانون، ولكن العيب فينا نحن لأننا وعلى ما يبدو لا نستحق أن نحكم نفسنا بأنفسنا، فالطريق مازال طويلا وصعبا والرهان على الضمائر أصبح خاسرا، وحتى لا يتهمنى أحد بالتجنى على البعض أقول لهم راجعوا كل لوائح الأندية والاتحادات وانظروا هل وضع أحدهم بند الثمانى سنوات مستقبلا فى لائحته، الإجابة بالطبع ستكون لا، باستثناء اتحاد وحيد هو اتحاد كرة اليد، والذى وضعه للصالح العام، وفى الجانب الآخر تجد أن اتحاد الكرة الطائرة قد وضع البند خصيصا لإبعاد على السرجانى عن خوض الانتخابات.

أما الأهلى فكان يأمل فى وضع هذا البند فى لائحته، ليس للصالح العام ولكن فقط لإبعاد محمود الخطيب عن الترشح لرئاسة النادى الأهلى، وهكذا تسير المنظومة الرياضية بكل أسف وأسى، بل إن المثير للدهشة أن من كانوا يقيمون الدنيا ويقعدونها ضد اللجوء للقضاء أصبحوا هم من يلجأون الآن للقضاء، وهذا ما فعله مجلس إدارة النادى الأهلى، والذى اشتكى مر الشكوى من لجوء البعض إلى القضاء طعنا فى العملية الانتخابية ووقف بجانب المجلس وسانده وقتها الوزير خالد عبد العزيز، معلنا أنه يفضل استقرار النادى والحفاظ على ثوابته، فكان جزاؤه من بعد ذلك سيل من الاتهامات والهجوم الضارى من أعضاء وأعوان مجلس إدارة الأهلى، والآن ها هو مجلس إدارة النادى الأهلى يبادر برفع دعوى ضد اللجنة الأوليمبية مخالفا الميثاق الأوليمبى الذى تمسك به كثيرا بعد حكمى حل مجلس إدارة الأهلى، وهو أمر مثير للدهشة.

فمنذ شهور كان اللجوء للمحكمة ضد المجلس أمرا شائنا ومخزيا، وكان التهديد للجنة الأوليمبية المصرية ووزارة الشباب والرياضة باللجوء للجنة الأوليمبية الدولية ووقف أو التهديد بوقف وتجميد النشاط الرياضى فى مصر، الآن انعكست الآية ومطلوب منا فى كل الأوقات أن نصفق ونهلل لهذه القرارات.

يا سادة.. إن لم نكن قادرين على حكم أنفسنا، فمن الأفضل أن يكون لنا ولى أمر يساعدنا كى نحل واجباتنا ونستطيع أن نحكم أنفسنا مستقبلا.

*** خسارة الزمالك للنقطة الرابعة من أصل أربع مباريات فى مسابقة الدورى العام، بواقع فوزين وتعادلين، ناقوص خطر على قدرة الفريق على المنافسة فى الموسم الحالى، واللوم كل اللوم يقع على من أوصل الزمالك لهذه الدرجة، فقد انتابتنى الدهشة وأنا أشاهد مدرب الزمالك، كابتن طارق يحيى، وهو يبكى بعد فوز الزمالك على فريق الداخلية فى إحدى مباريات الدورى الممتاز، فقد ظننت أنها مباراة نهائى كأس أفريقيا أو نهائى كأس مصر أو مباراة حاسمة ومصيرية فى مشوار الزمالك نحو الفوز بالدورى العام، ومنذ هذه اللحظة وأنا أتوجس خيفة مع كل مباراة يلعبها نادى الزمالك، وإن كان الفوز على الداخلية هذا الفريق المكافح يستوجب البكاء بالدموع وتبادل التهانى وإقامة الأفراح، وكأن الزمالك نادٍ صغير يسعد بفوزه بلقاء فى بطولة الدورى العام.

بصراحة الأمر عجيب وغريب ويستحق أن نتوقف أمامه قليلا لنتساءل: ما هو المطلوب من الزمالك؟ أن يصبح ناديا اجتماعيا يتباهى بالحدائق وحمامات السباحة؟، أم ناديا رياضيا يتباهى بإنجازاته الرياضية فى كل اللعبات، ما أراه أمامى يؤكد أننا فى الطريق لجعل الزمالك ناديا اجتماعيا لا تهمه البطولات ولا إسعاد الملايين من جماهيره العاشقة لهذا الكيان، والتى تفرح بشدة لفوز الفريق بأى بطولة.

من هنا فأنا أطرح اقتراحا جادا وليس هزلا، بأن يتم الفصل بين إدارة النادى الاجتماعى والنادى الرياضى، ليس فى الزمالك فقط، بل فى الأهلى أيضا وعدد من الأندية الأخرى التى كان تأسيسها فى الأصل كأندية رياضية، ولكن يبدو أن المشوار اختلف وأن الانتخابات أصبحت هى التى تسيطر على كل القرارات مما يهدد فى المستقبل بأضعاف الناحية الرياضى والتركيز فقط على النواحى الاجتماعية، والتى أعترف بأهميتها ولكن دون نسيان حقيقة إنشاء هذه الأندية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف