علي ضوء التجربة الرائدة للأخذ بالمنظومة التعليمية اليابانية في اطار جهودنا للنهوض بالتعليم في مصر.. فإن ما يسعدني ويشرفني أنني شهدت لهذه التجربة في التحقيق الصحفي الذي نشرته في مجلة »الجيل»‬ التي كانت تصدر عن أخبار اليوم منذ أكثر من اربعة عقود. حدث ذلك عندما أتيحت لنا خلال زيارة قمت بها لليابان بصحبة الزميل المصور الفنان محمد بدر زيارة بعض مدارس الاطفال بناء علي نصيحة صديق لي. أثارتني الحياة التي تمتلئ بالحيوية والحرية التي يعيشها هؤلاء الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين خمس وعشر سنوات. تم تقسيم وقتهم بالتساوي بين تلقي الدروس وممارسة اللعب واللهو في ملاعب المدارس المجهزة. لفت انتباهي احساسهم بالسعادة خلال فترة وجودهم بمدارسهم.
عندما سألت المسئولين في المدرسة عما يدرسونه لهؤلاء التلاميذ قالوا أن أهم ما يهتمون به هو الاعتماد علي استيعاب المعلومات المرتبطة بدراستهم والتي تتركز وبشكل أساسي علي الجوانب العلمية التي تجذب اهتمامهم. أضافوا بأن هذا التوجه القائم علي الممارسة العملية يستمر مع الطالب بعد ذلك طوال مراحل التعليم خاصة في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا الحديثة.
هذا التوجه في التعليم الياباني كان الركيزة الاساسية للتقدم والنهوض الصناعي للدولة اليابانية الذي أذهل ومازال يذهل العالم. هذا التفوق كان سبباً في قلق وانزعاج الرئيس الاسبق رونالد ريجان في دورتي رئاسته لأمريكا في التسعينيات.
دفعه هذا الامر إلي تبني إحداث ثورة في التعليم داخل أمريكا للحاق ومجاراة النهضة اليابانية. أدي ذلك إلي تغيير الكثير من النظم التعليمية واتخاذ منحي ان تكون العلوم الرياضية وليس أي شيء آخر هو المحور الاساسي للمسار التعليمي. كان محصلة هذه السياسات ملموساً ومحسوساً فيما تحقق وظهر جلياً فيما وصلت إليه الصناعة الامريكية من تقدم انعكس أثاره علي الاوضاع الاقتصادية.
سعي مصر لافساح المجال لاقامة مجموعة من المدارس وفق التجربة اليابانية كان محصلة الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لطوكيو. يتضح ذلك من سرعة الاستجابة اليابانية لتنفيذ هذا المشروع والتي جاءت بناء علي طلب الرئيس السيسي.اعتقد ان استمرار وتواصل هذه التجربة وعدم تعرضها لتدخلات البيروقراطية المصرية سوف يكون لها تأثير فاعل وإيجابي علي المخططات والجهود التي تستهدف طموحات النهوض والتقدم بالدولة المصرية.