الجمهورية
على هاشم
يا وزير الاتصالات .. لم تقل بعد أسباب إقالة النواوي
المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الاتصالات المهندس خالد نجم حول ما جري من تغييرات في ¢ المصرية للاتصالات ¢ أحدث لغطاً وأثار علامات استفهام وتعجب أكثر مما أجاب عن أسئلة مطروحة أو كشف اللثام عن حقائق ووقائع تجعل لهذا التغيير مبرراً أو حتي دوافع موضوعية مقبولة سواء فيما يتعلق بتوقيته أو بالأشخاص الذين وقع عليهم الاختيار بديلاً لمن غادروا مناصبهم .. فالوزير لم يقترب من الأسباب الحقيقية للإطاحة بالنواوي ورفاقه في مجلس إدارة المصرية .. وليس معقولاً أن يكون قرار الإبعاد جاء بسبب رفض هؤلاء تخفيض أسعار الإنترنت .. فالكل يعلم أن منظومة الاتصالات في مصر برمتها تعاني اختلالات غير موجودة في دول مجاورة ليس في مستوي وجودة الخدمة فحسب بل الأسعار أيضاً .. وهو ما يحتاج لتفسير وتدخل من الحكومة؟
* كان مرجواً من الوزير خالد أن يعلن للرأي العام هل حققت المصرية للاتصالات تحت رئاسة محمد النواوي الذي جرت الإطاحة به أخيراً النجاحات المستهدفة والتطلعات المأمولة من شركة وطنية بحجم ¢ المصرية ¢ التي كانت مصدراً لإنعاش الخزانة العامة بأرباح سنوية واستثمارات تساعد في نمو الاقتصاد القومي ناهيك عن دورها في تشغيل الشباب والنهوض بصناعة ضخمة هي ¢ الاتصالات والمعلومات ¢ .
وكان مرجواً من الوزير خالد أيضاً أن يجيبنا : ماذا عن مجمل أداء ¢المصرية للاتصالات ¢هل حافظت علي مستواها فنياً وإدارياً ومالياً ..هل تحسنت مثلاً خدمة الإنترنت أم ساءت وتراجعت بدرجة ملحوظة حتي أن المستفيدين باتوا يعانون بطئها ورداءتها حتي أنه جري تغيير أرقامهم دون علمهم ..وهل حافظ التليفون الثابت علي مستواه أم زادت أعطاله وقلت خطوطه وانصرف عنه عملاؤه بعد أن تراجعت مزاياه .. هل توسعت المصرية للاتصالات في مواردها أم اكتفت بما تحصده من إيرادات ناتجة عن الخدمة الدولية. وشراكتها لإحدي شركات المحمول .وتأجير بنيتها الأساسية العملاقة للغير دون تحقيق قيمة مضافة حقيقية جديدة.
وليت التردي في ¢ المصرية ¢ وقف عند هذا الحد المزري بل زاد الطين بلة استيراد الشركة وحدات ¢ مسان ¢ msan صينية الصنع قيل إنها لتحسين خدمة الإنترنت وما هي من التحسين في شئ. بل إنها تفتقد أبسط إجراءات الحماية سواء من انقطاع الكهرباء أو من حرارتها الشديدة وقيل إنه أنفق عليها ما يزيد علي ملياري جنيه .. فهل هذا معقول .. وهل تجري محاسبة المسئولين عن ذلك إن ثبت أم نكتفي بالإقالة فقط؟!
* المدهش أن يخرج النواوي علينا واصفاً قرار إقالته ب ¢ الجلل ¢ ولا أدري فيم جلاله .. وماذا كان يتوقع جزاءً للفشل والتردي اللذين لحقا بالشركة التي انحدرت إلي الحضيض في عهده ..فلا هي قامت بتعيين شباب لمساعدة الدولة في حربها للبطالة ولا هي حافظت علي ما تحقق من إنجازات بل كان جل همها تعظيم الأرباح علي حساب ضح دماء جديدة قادرة علي النهوض بالشركة .. كما انصرف اهتمام النواوي إلي تكوين شبكة عنقودية من المديرين ورؤساء القطاعات بالشركة ولا نعرف علي أي أساس جري اختيارهم هل اختيروا لكفاءتهم أم لإخلاصهم وولائهم له .. ولا التزمت الشركة بتطبيق الحد الأقصي للأجور حتي أن عضو مجلس الإدارة يتقاضي 5 آلاف جنيه عن الجلسة الواحدة ناهيك .عن تقاضيه مبلغاً يتراوح بين 500 و 900 ألف جنيه كأرباح تصرف عند اعتماد الميزانية بينما تحصل الكثرة الغالبة من العاملين علي فتات الفتات .. كما افتقدت الشركة الرؤية الواضحة للإحلال والتجديد والصيانة وتحديث الخدمة .
* وفي سياق متردي كهذا لا يصبح السؤال لماذا أقيل النواوي بل لماذا تأخرت تلك الإقالة .. فلم تكن الإقالة مثلاً لأن النواوي كان أحد الأعمدة الرئيسية للحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح .. فربما يكون ذلك خارج سياق الأسباب الفنية .. وإن كان أخطرها علي الأمن القومي!!
* وفي المقابل كنا نتوقع أن يجري اختيار المجلس الجديد البديل علي أسس أكثر شفافية وموضوعية استناداً لمعايير الكفاءة والخبرة لإنقاذ الشركة مما لحق بها حتي لا تلقي يوماً مصير ¢ عمر أفندي ¢ لكن للأسف لم يصادف هذا الاختيار أهله . فلم يضبط أحد هؤلاء متلبساً بأي نجاح في مركز قيادي تولاه في الشركة أو خارجها .. كما أن ثمة تداخلاً والتباسات في الصلاحيات والسلطات الممنوحة للقيادات العليا لدرجة تصل لحد التعارض و التصادم ..وكما يقول المثل ¢ المركب اللي فيها ريسين بتغرق ¢ فما بالنا بثلاثة رءوس في المصرية للاتصالات : رئيس مجلس الإدارة أولاً. والعضو المنتدب ثانياً .والرئيس التنفيذي ثالثاً .. فمن يملك من هؤلاء سلطة القرار ومن يتحمل مسئوليته وإذا كان مجلس الإدارة هو الفيصل فلم كل هذه الرءوس القيادية؟!
* ورغم ذلك كله فثمة ما يبشر بالأمل في مستقبل المصرية للاتصالات .. فتنمية موارد الشركة لها مداخل عديدة وهناك مشروعات استثمارية جديد يمكنها لو نفذت بكفاءة أن تدر عائداً كبيراً . وثمة كنوز وإمكانات واعدة لم تستثمر بعد ..فهل يقدر مجلس إدارة قيل إن مدته تنتهي بعد 3 أشهر علي التغيير والإصلاح والتطوير في تلك الفترة الوجيزة .. أم أن ثمة إهدارا متوقعاً لفرص النجاح في المصرية للاتصالات وكأنه كتب عليها أن تبقي ¢ شركة الفرص الضائعة ¢ بعد أن كانت أعظم الشركات الرابحة والمقدمة لخدمة الاتصالات ذات الجودة والكفاءة في مصر .. كنا نرجو أن يعلن وزير الاتصالات مبدأ الشفافية في تناوله لأسباب إقالة النواوي وزمرته .. وأن يتخير الوقت المناسب لتلك الإقالة خصوصاً وأنه لم يتبق في عمر هذا المجلس سوي ثلاثة أشهر علي الأكثر .. أم أن الأمر جلل وخطير ولا يحتمل التأجيل.. يا ناس الجرأة مطلوبة أحياناً .. والشفافية والموضوعية مطلوبتان طول الوقت .. فلماذا لا نتعلم بعد ثورتين كبريين غيرتا موازين الأمور في العالم كله ..؟!
ماذا لو لم يستجب السيسي لإرادة الشعب؟!
* لا شك أن مصادر تهديد الأمن القومي لمصر ترتبط أحياناً بالتصورات والإدراكات أكثر مما ترتبط بالحقائق والوقائع .. وهذا ما تراهن عليه قوي الشر في سعيها الدءوب لزعزعة استقرار مصر في إطار ما يعرف بحروب الجيل الخامس أو الرهان علي انهيار المجتمعات من الداخل ..يؤكد ذلك ما يحدث في عالمنا العربي من إرهاب طال أحد مساجد الشيعة في السعودية أخيراً ولا يزال يضرب بقوة في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ومصر ورغم قرب إيران وتركيا وإسرائيل منا فإنها محصنة ضد داعش وضد التطرف الفكري والإرهاب الذي ترعاه أجهزه مخابرات ودول أجنبية باتت معروفة للكافة !!
* والسؤال بعد مرور عام من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد .. ماذا لو أن الرجل لم ينحز لإرادة الشعب في 30 يونيو ويزيح حكم الإخوان الفاشي المدعوم من أمريكا والغرب .. كيف كانت ستصبح أحوال الدول العربية .. لقد بات واضحاً كيف جري التخطيط لتمزيق العالم العربي وشرذمته لتسهيل الاستيلاء عليه وتركيعه .. فهذا اتفاق نووي بين إيران والغرب يطلق يد الأولي في المنطقة .. وهذه هي الدول الكبري وعلي رأسها واشنطن وتحديداً دول 5 « " الدول الخمس دائمة العضوية « ألمانيا " بعيدة وتنأي عن الانخراط بقوة لوقف الإرهاب وتمويله والأنكي المطالبة بإدماج الإرهابيين في عملية سياسية .. هذا هو المشهد الدولي واضح المعالم يدعونا للتساؤل : ماذا لو لم يتدخل الجيش منحازاً للشعب في 30 يونيو .. ماذا كان سيحدث غير حرب أهلية لا تبقي ولا تذر .. ودولة فاشلة منقسمة متأخرة معطلة مستباحة من الغرب والشرق .. وأمة مستنزفة مستضعفة وأظن أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة وضعت نهاية لمؤامرة إقليمية أريد بها هدم الدول العربية بمعاول الإرهاب وبأيدي شرذمة من بنيها.. كان ينتظرنا مصير مظلم لولا تدخل الجيش .. وكان حريًا بكتائب الشر و الانتهازيين من السياسيين والمأجورين والمنقلبين والكارهين لمصر وللسيسي أن يسألوا أنفسهم ماذا قدمت ثورة 30 يونيو لمصر .. ألم يتحسن الوضع بعد عام من انتخاب السيسي رئيساً .. لماذا يصرون علي دعاوي الهدم وتمزيق الجبهة الداخلية .. لماذا لا يرون سوي نصف الكوب الفارغ .. بينما تعمي أبصارهم عن أن تري كيف خرجت مصر من عزلتها في دوائر ثلاث إفريقية وإقليمية ودولية و نجحت في إلزام المجتمع الدولي بالاعتراف بثورة 30 يونيو وكيف أقنعت الجميع بأنه ما من دولة في العالم أجمع تحارب الإرهاب مثل مصر.
* ان كتائب نشر الغضب والصخب وزرع الفتن واليأس والإحباط تنشط هذه مع اقتراب ذكري 30 يونيو و تعمل وفق خطط ومناهج عدوانية لا تزال تستهدف هدم مصر لصالح الجماعة الإرهابية رغم أن ما تفعله الأخيرة بات بمثابة ¢ ركض الأموات ¢ بعد موت جاذبية الجماعة وأفكارها في عيون كثير من المواطنين لكن ثمة فراغاً لم تملؤه بعد مؤسسات الدولة المعنية بالفكر وهو ما يمثل خللاً في المعركة ضد الإرهاب فالجهات الأمنية يقظة تقوم بواجبها علي نحو جيد لكن ذلك لا يقابله جهد مماثل في مؤسسات الفكر والتعليم والإعلام والتنوير الأمر الذي يتطلب جهوداً جبارة لنشر الوعي ونبذ الشائعات .
ونظرة فاحصة لمجمل أوضاعنا خلال الأعوام الأربعة الماضية تدلنا بوضوح كيف خرجت مصر من مخاض عسير أمنياً واقتصادياً ومن نفق مظلم ومخطط خبيث اجتمعت له قوي الشر وتحالفاته في الداخل والخارج
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف