عبد القادر شهيب
شيء من الامل - المصالحة الفلسطينية مفيدة لنا
لعلها مصادفة ذات مغزي أن تتم الخطوة الأولي من المصالحة الفلسطينية برعاية مصرية، حينما تتسلم حكومة الوفاق الفلسطينية مهامها بقطاع غزه في حضور رئيس المخابرات المصرية، وفي ذات الوقت تتم محاكمة محمد مرسي وعدد من قادة الإخوان في قضيتي التخابر مع حماس واقتحام السجون المصرية عام ٢٠١١، والذي شاركت فيه عناصر مسلحة من حماس قدرت أجهزة الأمن المصرية عددها بنحو ٨٠٠ عنصر مسلح.
وقد يتصور البعض أن ثمة تناقضاً بين الحدثين، محاكمة مرسي علي تورطه مع حماس في النيل من مصر وأمنها ومن أجل تمكين الإخوان من الإمساك برقبة السلطة في مصر، ورعاية مصر إتمام المصالحة الفلسطينية، وتحديدا بين حركتي فتح وحماس، ولكن من يتأمل بروية وإمعان الأمر سوف يكتشف أنه لا تناقض في ذلك، لأن المصلحة المصرية والأمن القومي المصري هو الذي يحكم الأمر في النهايه، فغن جماعة الإخوان ارتكبت جريمة كبيرة حينما استعانت بتنظيم غير مصري من أجل تمكينها من الحكم عبر إثارة الفوضي بالبلاد بعملية مخططة ومنظمة لاقتحام السجون، بعد استباحة الحدود المصرية، وأراضي سيناء، ولذلك هي تحاكم الآن أمام محكمة مصرية علي تلك الجريمة التي اقترفتها وتورط فيها عدد من قادتها في مقدمتهم محمد مرسي، ولعل هذا يؤكد أن مصر، كما قال الرئيس السيسي لا تنسي من أساء إليها مثلما لا تنسي من ساندها وقت الشدة والضيق، أما رعاية مصر رسميا مصالحة فلسطينية، بين حركتي فتح وحماس، فهذا أمر يَصْب في المصلحة المصرية والأمن القومي المصري ومعه الأمن القومي العربي أيضا. فهذه المصالحة الفلسطينية تأتي بحومة الوفاق الفلسطيني لتمارس مهامها في غزة، وهذا يقلل من سيطرة حماس عليها، كما أن هذه المصالحة، إذا مضت قدما إلي الأمام كما نأمل ونجت من التآمر عليها من أطراف تتربص بها، فإنها سوف تأتي بحرس الرياسة الفلسطينية لكي تنتشر في قطاع غزة، ولكي تدير معبر رفح المصري الحدودي مع القطاع، وهذا بدوره سوف يزيد من تقليص التواجد الحمساوي فيه، وقبل هذا كله فإن هذه المصالحة الفلسطينية تحت الرعاية المصرية دفعت حركة حماس لكي تقدم مجموعة من الالتزامات لمصر تتعلق بحماية الأمن المصري من أية عناصر إرهابية، وهذا ما أعلنه صراحة إسماعيل هنية في كل أحاديثه الصحفية مؤخرا، فضلا عن استجابة الحركة لعدد من المطالَب الأمنية المصرية بخصوص متورطين في أعمال إرهابية تمت في سيناء.
وهكذا المصالحة الفلسطينية ليست مفيدة فقط للفلسطينيين وحدهم، ولذلك تتربص بها إسرائيل وأطراف أخري بعضها للأسف عربية، وإنما هذه المصالحة مفيدة أيضا لنا في مصر، لكننا مع ذلك مازلنا نحتفظ بيقظتنا كاملة خاصة وأننا قبل يومين اكتشفنا ودمرنا أحد الأنفاق الكبيرة مع غزة، نحن نضع الجميع أمام الاختبار المستمر مادام الأمر يتعلق بأمننا القومي، وبهذه الروح أقدمنا علي رعاية المصالحة الفلسطينية واستقبلنا قادة حماس في القاهرة وسعينا للتقريب بينهم وبين السلطة الفلسطينية وحركة فتح،، فإن أمننا القومي اليوم وغدا هو موضع الاهتمام الأول في ظل ما نتعرض له من تهديدات شتي تستهدف كيان دولتنا الوطنية.