المصرى اليوم
سوزان حرفى
وجبت علينا المعارضة
أربعة شهور قادمة تفصلنا عن البدء فى إجراءات الانتخابات الرئاسية، ومن أربعة شهور مضت بدأ التحرك الحثيث من الأحزاب والتحالفات والائتلافات لدعم الرئيس لولاية جديدة، أكبر الداعمين كان «ائتلاف دعم مصر» صاحب الأغلبية المطلقة فى البرلمان (350 من أصل 595) وحزبا «المصريين الأحرار» و«مستقبل وطن»، وفى الصف توالت الحركات والشخصيات.

نعم لم يتم انتخاب الرئيس على برنامج يمكن الرجوع إليه والحكم على ما تحقق وما لم يتم تنفيذه، لكن كان هناك ميثاق ضمنى لمن انتخب السيسى رئيسا، ميثاق كتب مقدمته الشعب عندما ثار على كل من لم ينفذ أهداف ثورة يناير من «عيش وحرية وعدالة»، وعندما لفظ كل نظام حاول إعادة نهج الانفراد بالسلطة أو تغييب المعارضة أو الوصاية على المجتمع، سواء من «المجلس العسكرى» أو من «نظام الإخوان».

لقد جاء السيسى مدعوما بأصوات قرابة 97% من المشاركين فى انتخابات 2014، جاء محمولا على آمال المصريين فى بناء دولة تعرف قيمة المواطن وحقوقه، وتوفر له الخدمات بأعلى كفاءة ممكنة، وتخفف من أعباء الكادحين وتقلل من نسب الفقر، دولة تصون الكرامة وترفع ميزانية التعليم والصحة لأعلى مستوياتها.

لم ينتخبه الفقير قبل الغنى ليبنى دولة المبانى الشاهقه ولا القصور الفارهة، فالتنمية ليست حجراً وإنما تنمية قدرات البشر، فناطحات السحاب فى أمريكا لم يبنها إلا مواطن حر أدرك واقعه واحتياجاته، ولم يصنع التقدم ويحافظ على الحضارة فى أوروبا إلا إنسان عرف قيمته ووضع من الأنظمة والمواثيق ما يحميها، ولو كان الخديو إسماعيل اختار الإنفاق على تنمية الفلاح المصرى قبل أن ينفق على المبانى لكانت ربوع مصر الآن قصورا مهما صغرت مساحتها أو ضاقت شوارعها.

حملات الداعمين ركزت على ضرورة استكمال السيسى برنامجه التنموى، ومحاربة الإرهاب، وهى أسباب تصب فى صالح الرئيس نظريا، لكنها قطعا تضرب الدولة وأجهزتها فى مقتل، فهى تؤكد أن النظام لم ينجح فى بناء دولة المؤسسات التى تضع أجندتها وتخط أهدافها وتحدد أعداءها وأصدقاءها، وبالتالى تقرر مصالحها بغض النظر عمن يكون الرئيس.

لقد فرض النظام الحالى على المصريين قراراته الاقتصادية، واستجابت الغالبية وأخرج الكثيرون ما يدخرون مساهمة فى مشاريع لا يعرفون جدواها، لكنه كان الأمل فى وضع أسس لدولة تقوم على الشراكة بين النظام والمواطن، وبدلا من أن يقدر النظام وحكومته للشعب موقفه، فتحت الدولة عينها وفمها على ما يملكه المواطنون من جنيهات.

حدث ذلك فى وقت تراجع فيه الأداء سياسيا وحقوقيا واجتماعيا واقتصاديا لما هو أسوأ مما كان عليه قبل يناير 2011، عندما خرج الشعب يطالب بإسقاط النظام، فها هم المواطنون يسقطون فى بئر الإنفاق على حكومة لا تقوم بما عليها لا فى حماية الحقوق ولا فى منع الاستغلال، ولا فى توفر الخدمات بأى كفاءة تذكر.

بل هى دولة أصبح المواطن عندها فى إحدى حالتين إما «ممول» أو «معرقل» ومعوق للمسيرة، واتسعت مساحة الممولين لتضم أقل الدخول فى «الطبقة الوسطى»، كما زادت مساحة البطش ضد «المعرقلين»، وتم سلب كل حق لهم إلا الإزاحة، بغرض استكمال التنمية.

فإذا كانت هذه هى التنمية التى يجب أن يستمر الرئيس لاستكمالها، فإنه إخلاصا لثورتى 25 يناير و30 يونيو، وانتماء لشعب دفع الكثير ولم يحصل على شىء، وأملا فى مستقبل يحمى حقوق أبنائنا أغنياء وفقراء، وتأدية لواجب قول كلمة حق أمام السلطة، لكل ذلك وجب إعلان المعارضة مهما كان ثمنها، لأن ما يخسره المواطن المصرى الآن أكبر بكثير من السكوت عليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف