"كيف أخاف أن أتى إلى بلد احتمى بها المسيح".. كلمات تحمل من البساطة والعمق دلالات ذات مغزى تلك التي قالها البابا فرنسيس بابا الفاتيكان خلال زيارته إلى مصر في أبريل الماضى، تلك الكلمات التي استكملها بابا الفاتيكان مرة أخرى في الفاتيكان فقال: "إن مصر مباركة بدماء الشهداء، كما أنها مباركة باحتضانها للعائلة المقدسة والتي وجدوها ملجأ لهم من قبل الرومان فكانت دائما ملجأ للأنبياء من بطش الظالمين".

أكتب هذا المقال بمناسبة مباركة بابا الفاتيكان لمسار رحلة العائلة المقدسة ودعوته الجميع لزيارة مصر، وذلك على هامش حدث جلل تم إقامته في محيط القديس بطرس بالفاتيكان بمشاركة وزير السياحة يحيى راشد والدكتورة عادلة رجب نائب الوزير ولفيف من الشخصيات العامة والإعلامية.

نعم هذه الزيارة التاريخية للفاتيكان ومن قبلها زيارة البابا لمصر تُعد دعاية أقوى في تأثيرها ومردودها عن أي دعاية مباشرة تقليدية، وكلنا تطلع أن تأتي تلك الزيارات المتبادلة ودعوة البابا للحج إلى مصر وزيارة نقاط رحلة العائلة المقدسة بثمارها قريبا.

نعم ليس مصر الأهرامات فقط أو شواطئها الساحرة على سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط، مصر تضم من الأنماط السياحية ما يفوق العالم أجمع في تنوعها، لذا كان الاهتمام بمسار العائلة المقدسة كبقاع عزيزة من أرض مصر طالما كانت مهبطا للرسل ومنزلا طيبا لكل من أوى إليها كما كانت مصر عبر تاريخها قوية أبية في وجه من حاول النيل بها.

ستظل مصر رمزًا للحفاظ على التراث والهوية الثقافية العربية الأصيلة، فسيناء بجبالها وتضاريسها وشواطئها ستظل تحمل من الدلالات ما يُجسد عمق ماضيها وعظمة حاضرها هناك في أرض الفيروز كلم الله موسى تكليما.. وكانت خطوات سيدنا إدريس عليه السلام متجهًا إلى أرض الكنانة.

جاء إليها يوسف عليه السلام ليصبح في مأمن من أي أذى.. كما جاء إليها سيدنا عيسى المسيح وهو طفل مع أمه سيدتنا مريم ومعهما يوسف النجار في رحلة الهروب إلى مصر.

إن إضافة مصر لخريطة سياحة المسارات الدينية قط لم يكن ترفا وأن الوزارة أخذت على عاتقها هذه المهمة فتم تجهيز 8 مواقع أثرية يشملها المسار المكون من 25 نقطة كمرحلة أولى وهى كنيسة أبو سرجة والكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة وكنيسة العذراء بالمعادى وأديرة وادى النطرون وكنيسة العذراء بجبل الطير ودير المحرق بجبل قسقام ودير العذراء بدرنكة.

وقد رصدت الوزارة ميزانية مناسبة للدفع بمنتج السياحة الدينية للأمام وكلها عزم في تنظيم رحلات مشوقة لهذا المنتج وجذب البلاد التي تستهدف هذا النوع من السياحة خاصة أمريكا اللاتينية وآسيا.. أكتب ويحدونى الأمل أن يكون لاعتماد رحلة مسار العائلة المقدسة انعكاسا على السياحة المصرية من خلال دعوات صادقة أطلقها البابا فرنسيس ليقوم مسيحيو العالم وغيرهم بزيارة مصر، وكلنا تشوق أن تكلل الجهود بالنجاح.