الأخبار
خالد جبر
أضواء وظلال - مصر ليست وسيطاً.. هي الأم والقائد والشريك
هذا هو قدر مصر عبر آلاف السنين.. مصر ليست دولة فقط.. بل هي أمة بأسرها.. هي الأم لكل الدول العربية بل والإسلامية أيضا.. وهي ربان السفينة والقائد الحكيم.. ورمانة الميزان لاستقرار المنطقة.
وعندما حاولت قوي الشر بدعم وتمويل خارجي خسيس أن تضعف مصر وتحجم دورها وتفتت عزيمتها وتلهيها بأزمات أكبر منها.. لم تبتعد مصر كثيرا.. عادت إلي دورها الرائد ومكانتها البارزة.. عادت الأم والقائد والشريك الحكيم لكل أطراف المنطقة.
القضية الفلسطينية.. هي قضية مصرية في المقام الأول.. منذ اللحظة الأولي لقيام الكيان الصهيوني علي أرض فلسطين.. وقبل سنوات طويلة من إعلان دولة إسرائيل عام ١٩٤٨.. ومصر تنبه وتحذر.. وتحارب وتقدم الشهداء من أجل فلسطين.. شعبا وأرضا وتاريخا وتراثا وقدسية.. تصدت مصر لكل محاولات الكيان الصهيوني للتمدد والتوسع والسيطرة.. حاربت في ١٩٤٨ و١٩٥٦ و١٩٦٧ وبعدها في حرب استنزاف طويلة استمرت ست سنوات حتي تحقق النصر في أكتوبر ١٩٧٣ الذي نحتفل اليوم بذكراه الـ٤٤.
مصر لم تكن في يوم من الأيام مجرد وسيط.. أو مشجع من مقعد الجماهير.. بل هي منذ اللحظة الأولي شريك رئيسي ولاعب أساسي.. بل كان لها دائما دور البطولة والريادة.. لم تبخل مصر بأبنائها ولا أموالها ولا بما تملكه من قوة عسكرية أو قوة ناعمة من أجل فلسطين الدولة والأرض والشعب.
ها هي مصر.. تصنع الخطوة الأهم والأبرز في أزمة استمرت أكثر من عشر سنوات حدث فيها انقسام خبيث بين أبناء الشعب الفلسطيني انقسمت بسببه الأرض الفلسطينية إلي قسمين تبادلا النزاع والحرب فيما بينهما.. حتي كادت تضيع القضية.. إن لم تكن قد ضاعت فعلا.
أمام زعماء العالم في الأمم المتحدة منذ أيام قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الوقت قد حان لمعالجة شاملة ونهائية لأقدم الجروح الغائرة في منطقتنا العربية وهي القضية الفلسطينية التي باتت الشاهد الأكبر علي قصور النظم العالمية عن تطبيق سلسلة طويلة من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. وأن إغلاق هذا الملف من خلال تسوية عادلة تقوم علي الأسس والمرجعيات الدولية وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية هو الشرط الضروري للانتقال بالمنطقة كلها إلي مرحلة الاستقرار والتنمية، والمحك الأساسي لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة والنظام العالمي، ولا شك أن تحقيق السلام من شأنه أن ينزع عن الإرهاب إحدي الذرائع الرئيسية التي طالما استغلها كي يبرر تفشيه في المنطقة وبما يضمن لكافة شعوب المنطقة العيش في أمان وسلام.. وقد آن الأوان لكسر ما تبقي من جدار الكراهية والحقد للأبد .. وأن يد العرب مازالت ممدودة بالسلام وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن وأنه يعد هدفا واقعيا يجب علينا جميعا مواصلة السعي بجدية لتحقيقه»‬.
ووجه الرئيس نداء إلي الشعب الفلسطيني، قائلاً: »من المهم الاتحاد خلف الهدف وعدم الاختلاف أو إضاعة الفرصة والاستعداد لقبول التعايش مع الآخر في أمان وسلام وتحقيق الاستقرار والأمن للجميع... كما وجه نداء للشعب الإسرائيلي قائلا : لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة في السلام معكم منذ أكثر من 40 سنة ويمكن أن نكرر هذه التجربة وهذه الخطوة الرائعة مرة أخري».
الخطوة الرائعة.. في طريق السلام.. بدأت فعلا بالأمس علي أرض غزة.. بإعلان المصالحة بين السلطة الشرعية والسلطة الخارجة المنفلتة في حماس.. والتي عادت إلي رشدها بعد كل الذي ارتكبته من جرائم في حق شعبها أولا.. وفي حق مصر ثانيا.. لكن مصر الكبيرة لم تهتز لتلك الصغائر.. وتدرك أن هذا هو قدر الكبير.. أن يتحمل الصغائر ويتغاضي عنها من أجل مصلحة كبري للجميع.
نتمني أن يكون مسئولو حماس قد استوعبوا الدرس.. وأن يكفروا عما فعلوه في شعبهم.. وعما ارتكبوه في حق مصر.. هذه فرصة تاريخية سيستفيد منها الجميع.. في المنطقة وفي العالم كله.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف