الجمهورية
فريد إبراهيم
مأساة الخطاب الديني
من أغرب ما يدعو إليه فريق من المتحدثين عن تطوير الخطاب المتباكين علي حالة الجمود الفكري في التعامل مع القضية.. مطالبتهم بالخروج علي قواعد الفكر الإسلامي والأخذ بما انتهي إليه الآخرون. يقول الكاتب أحمد عبدالمعطي حجازي في 19/6/2017 بجريدة الأهرام: الخطاب الديني لا يتجدد بفتوي دينية وإنما يتجدد باحترام الأفكار والمبادئ والقواعد التي وصلت إليها البشرية المتحضرة في هذه العصور الحديثة وإحلالها محل الذي تخلف وتحجر وفقد قيمته وأصبح قيداً وعبئاً يمنعنا من التفكير والحركة.
وإذا تأملنا ما يقوله حجازي نقف أمام الجمود بعينه لأنه يطالبنا بتقليد جديد لا تفكير فيه حيث يدعونا إلي احترام الأفكار والمبادئ التي وصلت إليها البشرية المتحضرة في العصور الحديثة وإحلالها محل الذي تخلف وفقد قيمته. فالرجل يدعونا إلي الأخذ بالحضارة الغربية وترك الحضارة الإسلامية فالحضارة الغربية عنده هي الرقي والتقدم والإسلامية هي التخلف والجمود وهو أمر يحتاج إلي نقاش.
ورغم أن أولئك المفكرين الباحثين عن الصواب والتجديد هم أولئك الذين لا يؤمنون بقداسة الفكر وإنما يتعاملون مع كل فكرة باعتبارها نتاجاً بشرياً يتم مناقشتها والأخذ بالصواب وترك ما لا يتفق مع العقل بصرف النظر عمن قاله وبصرف النظر عن أي حضارة أفرزته وقد قال لنا الإمام مالك وهو يشير إلي قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم "كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر" والإمام مالك هذا إفراز لحضارة يعتبرها حجازي حضارة الجمود.
كما نجد الإمام أبوحامد الغزالي رحمه الله يقول "من لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر بقي في متاهة العمي".
إذن فالباحثون عن التجديد أو مناهج التجديد هي تلك المناهج التي تعيد النظر في كل ما أفرزه العقل البشري أيا كان صاحبه أما أولئك المطالبون لنا بالأخذ بما انتهي إليه قوم ما فهم الجامدون حقاً لكنهم يرفعون شعار التجديد وهم يبحثون عن التبعية أيا كانت هذه التبعية وهو ما أشار إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله صلي الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من قبلكم شبراً شبراً وذراعاً بذراع حتي لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه" ومن أراد أن يدرك مغزي الحديث فعليه أن يدرك أن الضب هو حيوان يصنع جحره بفتحة واحدة أي لا يحتاط لنفسه من الخطر بعكس الفأر الذي يصنع جحره بعدة فتحات ليستطيع الهرب إذا ما جاءه خطر من إحداها علي عكس الضب الذي يمثل جحره عقلية من لا يحتاط لنفسه ومن لا يحسب الخطر وهو ما يدعونا إليه البعض.
صحيح أن فتوي لا تحقق تجديداً وكذلك السير الأعمي خلف الآخرين لا يصنع تجديداً وإنما يذيب الهوية ويخرج مسخاً فكرياً لا إلي اليمين ولا إلي اليسار لا يمنح تقدماً يحافظ علي جوهر الفكر والدين ولا يحل مشكلة آنية وإنما يلقي بنا في متاهات نفقد فيها ذواتنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف