فيتو
محمد حلمى
شرقنا السعيد.. فيلم أبيض وأسود
«العبث واللا معقول» عنوان ما يجري الآن بمنطقتنا العربية من المحيط إلى الخليج.. صلة الدم بين الأشقاء صارت صلة عرقسوس.. اختلافنا مكايدة.. ردود أفعالنا ردح.. لم يعد كل منا الحبيب الذي يبلع لحبيبه الزلط بل صار العدو الذي يتمنى لشقيقه الغلط.

غاب المنطق والتسامح.. والموقف ينبئ عن صدامات متعددة وفي كل اتجاه.. في العراق واليمن وسوريا المطحونة.. الغرب يلعب بنا كيفما شاء.. الصدام المروع المقبل في كل المناطق المذكورة هو الصدام بين السنة والشيعة.. الكل سيضرب في بعضه كما لو كانت خناقة مجموعة سكارى في خمارة درجة عاشرة في فيلم من أفلام الأبيض والأسود المصرية القديمة.

طالما أن المسألة هكذا فلنجعلها عبثا في عبث وعبطا في عبط لعلنا نجد في البلاهة الحل، كما أقول دائما كلما تأملت حالنا.
ففي تقديري أن البلاهة أحيانًا نعمة.. وهى للعقل كالترموستات للثلاجة.. فالترموستات تنظم وتضبط كهرباء وحرارة الثلاجة.. وكذلك البلاهة، تضبط كهرباء وحرارة العقل في الوقت المناسب، ومن ثم حمايته من الانفجار أو الانفلات والسعى على غير هدى، وهو ما يعرف عند العامة والدهماء باللسعان.

ومن فوائد البلاهة أيضًا أنها قد تسعفنا، وتنير الطريق نحو حلول نحو حلول عبقرية لأزمات مستعصية. ومن المؤكد أن التأمل والاستغراق في المشهد العربي وتفاصيله السوداء ربما يودى بنا إلى نهايات مأساوية، وهنا تأتى نعمة البلاهة التي تنزل علينا كالسَّكِينة.. والبلاهة ليست عبثًا مطلقًا، بل فيها ميزة رائعة.. ذلك أنها لا تفصلك تمامًا عن الواقع، بل تدعوك إلى التعاطى معه بهدوء شديد، وربما تقودك إلى لحظة توهج، فتعثر على حلول عبقرية لأزمات مستعصية.

أنا شخصيًا دخلت دائرة البلاهة، وتعاطيت مع مسألة العمل على توفير مناخ الوئام بين العرب بهدوء شديد، ثم باغتتنى لحظة التوهج، فخرجت باقتراح مذهل لاتفاقية سلام، لا تقوم على أساس القانون الدولى العبيط، ولا بتدخل الأمم المتحدة والقوى العظمى، وإنما على أساس العرف والتقاليد والعيش والملح وعضم التُّربة، على أن تبرم تحت مظلة ورعاية الجامعة العربية ساعتها سوف نرى فيها عظمة الخالق الذي يحيي العظام وهي رميم.. وسوف تكون النتائج أكثر من رائعة.. وإليكم نموذجًا لاتفاقية السلام العربية المبنية على ما ذكرته في لحظة بلاهة تاريخية:

العنوان: اتفاقية سلام دائم بين الأمة العربية.

الديباجة: يا سلام على حُبِّي وحُبَّك.. وعد ومكتوب لي أحبك.

ملحوظة: تعتبر الديباجة جزءا لا يتجزأ من الاتفاقية.

مادة 1: من يعتدي على شقيقه العربي يبقى قليل الأدب.

مادة 2: من يقتطع أرضًا من الغير دون رضاه.. حار ونار في جتِّته.

مادة 3: اعتماد إستراتيجية دائمة وموحدة لترسيخ مفهوم عدم الاعتداء، وذلك عن طريق قيام الفرق الموسيقية العسكرية للأطراف الموقعة على الاتفاقية، بإجراء تدريبات مشتركة على عزف نشيد يرسخ مفهوم التعايش اللذيذ، وهو نشيد "تحت الشباك ولَمَحْتَك ياوَلَه/وصادتنى شبَاك من رمشك ياوَلَه".

مادة 4: مدخرات كل طرف لدى الغير، حَرَم لا يُمَس.. وكل من يحجز على مدخرات الغير أو يصادرها، يصرفها على عينه وعافيته.

مادة 5: كل من يشجع ويعضد ويحبِّذ ويؤيد أساليب الغيظ والكيد والمعايرة.. إلهى ما يكسب ولا يربح ولا يوعَى يشوف اللقمة.

مادة أخيرة: تعتبر الاتفاقية ملغاة ما لم تُخْتَم بختم الجامعة العربية طَيَّبَ الله ثراها، وربنا يديم المعروف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف