بسيونى الحلوانى
بالمرصاد - "عامر" المتشدد وأطفاله السبعة !!
اقتربت من الشيخ"عامر" حارس العمارة صاحب اللحية الكثيفة والجلباب القصير وسألته عن أحوال أولاده السبعة "خمس بنات وولدين" فرد علي ساخطا: مش عارف أكلهم ربنا ينتقم من الحكومة؟
سألته: وماذنب الحكومة في معاناتك مع أولادك؟
نظر إلي باشمئزاز وقال: الحكومة هي المسئولة عني وعنهم.. من أين أدبر لهم العيش الحاف في ظل هذا الغلاء الفاحش.
قلت له: ولماذا الأطفال السبعة وأنت دخلك محدود يا شيخ عامر.
رد علي بقرف: استغفر الله العظيم.. اعترض بقي علي إرادة الله القائل في كتابه: ¢يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور".
قلت له: هذه الآية الكريمة يستشهد بها في ضرورة الرضا بما يقدره الله لنا من ذكور وإناث وعدم الضجر بإنجاب الإناث.. وليست دليلا علي سعي الإنسان لكثرة انجاب الأولاد دون القدرة علي رعايتهم وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.
رد علي بانفعال: وماذا تقول في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: "تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة"؟
قلت له: الإسلام يرحب بكثرة العيال عندما تكون قادرا علي رعايتهم وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم لكنك تشكو من عدم قدرتك علي توفير الخبز لهم وسوف تتركهم للضياع دون تعليم جيد ودون رعاية صحية.. ثم تدعو الله أن ينتقم من الحكومة.
للأسف: هذا هو منطق كثير من أصحاب العقول المغلقة يتعلقون ببعض النصوص الدينية التي يفهمونها فهما خاطئا ويوظفونها لتتوافق مع هواهم.. فعامر وأمثاله من الذين يتعاملون مع نصوص القرآن والسنة بمنطق"ولا تقربوا الصلاة" لا يدركون مقاصد الإسلام في الانجاب ولا يدركون مخاطر إنجاب أطفال دون القدرة علي تقديم الرعاية اللازمة لهم وتوفير مقومات العيش الكريم لهؤلاء الأطفال.
هؤلاء لا يدركون أن مسألة الانجاب تختلف من أسرة إلي أخري. فقد يكفي طفلان لأسرة لا تستطيع رعاية أكثر منهما ولا توجد مشكلة لدي أسرة أخري في رعاية أربعة أو أكثر من الأبناء وهذا ما أكد عليه كبار علماء الإسلام الذين رفضوا تحديد عدد من الأولاد لكل الأسر وطالبوا بترك أمر تنظيم الأسرة لظروف كل زوجين.
عامر البواب وزوجته لا يستطيعان رعاية أكثر من طفلين ولكن عدم وجود وعي ديني واجتماعي صحيح دفعهما لانجاب سبعة من الأبناء لا يعرف الأب الذي يدعي التدين كيف يوفر لهما طعام يومهم ولا تعرف الأم التي تقيم في غرفة داخل جراج عمارة كيف تدبر لهم مكان النوم.
بالتأكيد.. وراء مشكلة عامر وأولاده منطق ديني خاطيء وفهم عقيم للنصوص الدينية وهذا المنطق الخاطي وذاك الفهم السطحي للنصوص الدينية ليس وقفا علي البسطاء. بل هناك بعض الدعاة وخطباء المساجد الذين يدعمون من حيث لايدرون تلك المفاهيم الخاطئة.
منذ أيام قرأت علي صفحة أحد خطباء المساجد علي "فيس بوك" استنكارا لرفض كثرة الانجاب في مصر واتهاما للدولة بالفشل في استغلال ثروتها البشرية كما فعلت الصين وانتهي الي تحريم تنظيم الأسرة اعتمادا علي قول الحق سبحانه: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم".
والواقع أنه لا فرق بين عقلية هذا الداعية وعقلية "عامر البواب" فكلاهما صاحب منطق خاطي ويغيب عنه الوعي الديني الصحيح.. ذلك أن تجريم قتل الأولاد خشية الإملاق- أي الفقر- يعني عدم التفكير في التخلص منهم وهم أجنة في بطون أمهاتهم أو بعد ولادتهم.. ولا علاقة لذلك بمسألة التنظيم التي تعني أن يتخذ الزوجان باختيارهما الوسائل التي تباعد بين الأبناء وتحد من انجاب المزيد من الأبناء ليكونوا عالة علي الأسرة التي تعاني من سوء الأحوال المعيشية وليس لديها القدرة علي رعاية المزيد من الأطفال.
وهكذا يؤدي غياب الوعي الديني الي انجاب أطفال وتركهم عالة علي الآخرين أو دون رعاية مما يضاعف من مشكلات وأزمات المجتمع ومما يعرض المجتمع لمزيد من المشكلات والأزمات الاجتماعية التي تنتهي ببعض أبنائه الي الوقوع في براثن التطرف والارهاب.. فالفقر يوفر بيئة حاضنة للتطرف وهؤلاء الذين يحملون الحكومة مسئولية ضيق أفقهم وكثرة انجابهم يعدون أولادهم ليكونوا قنابل موقوته في المستقبل.